responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 2  صفحه : 286
كل رغيف ثمان أواق، فهذا كما قلناه: إنّ ثماني أواق ثلث الشبع لقوله ثلث طعام بعد قوله لقيمات جمع لما دون العشرة، و هذا مواطئ لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يأكل سبع لقم. و حدثونا في أخبار الخلفاء أنّ الرشيد جمع أطباء: هندي، و رومي، و عراقي، و سوادي. فقال لهم: ليصف كل واحد منكم الدواء الذي لا داء فيه. فقال الهندي: الدواء الذي لا داء فيه عندي هو الاهليلج الأسود. و قال الرومي: الدواء الذي لا داء فيه حبّ الرشاد الأبيض. و قال العراقي: الدواء الذي لا داء فيه الماء الحار. فقال السوادي، و كان أعلمهم: أنّ الاهليلج يعفص المعدة و هذا داء، و إنّ حبّ الرشاد يرق المعدة و هذا داء، و إنّ الماء الحار يرخي المعدة و هذا داء. قالوا: فما عندك؟ قال: الدواء الذي لا داء فيه أن لا تأكل الطعام حتى تشتهيه و ترفع يدك عنه و أنت تشتهيه. فقالوا: صدق. و حدثني بعض العلماء قال: ذكرت لبعض الفلاسفة من أطباء أهل الكتاب قول النبي صلى الله عليه و سلم: ثلث طعام، و ثلث شراب، و ثلث نفس. فتعجب منه و استحسنه و قال: ما سمعت كلاما في قلّة الأكل أحكم من هذا و إنه لكلام حكيم. ثم قال: جهدت الأطباء من الفلاسفة أن يقولوا مثل هذا في التقلل من الأكل فلم يهتدوا إليه فأكثر ما قالوا: لا تقعد على طعامك حتى تشتهيه و ترفع يدك عنه و أنت تشتهيه. و منهم من قال: لا يأكل إلّا بعد الجوع و يرفع قبل الشبع. و منهم من قال: لا يأكل إلّا بعد الجوع المفرط و لا يشبع شديدا، و إنما كان مراده هذا الذي ذكره نبيّكم. و قد كان بعض علمائنا يقول: من أكل خبز الحنطة بحتا بأدب لم يعتلّ إلّا علّة الموت. قيل له: و ما الأدب قال: يأكل بعد الجوع، و يرفع قبل الشبع، و الأصل في هذا أنّ العلل داخلة على الأجسام من اختلاف نبات الأرض، لأن المعدة مركبة على طبائع أربع: الحرارة، و البرودة، و الرطوبة، و اليبوسة. و كذلك منابت الأرض على هذه الطبائع فإذا أكثر من اختلاف منابتها أمالت الحرارة و البرودة من النبات غرائز الطبائع من الحرارة و البرودة من المعدة، و أمالت الرطوبة و اليبوسة من النبات غرائز الطبائع من الرطوبة و اليبوسة، فزاد بعض على بعض و قوي وصف على مثله فكانت الأمراض من مثل ذلك، لأن كل مأكول من نبات الأكل يعمل في وصف من معاني الجسم، و أنّ الحنطة مخالفة لسائر نبات الأرض المعتدلة في الطبائع الأربع كاعتدال الماء في سائر الأشربة. و قد شبّهوا لحم الدراج في خفته و قلة دهنه من سائر اللحوم بطبع الحنطة في سائر الحبوب. و قال بعض الأطباء: كل من الخبز بحتا ما شئت، فإن لا يضرّك. و قال غيره: أكل‌

نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 2  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست