نام کتاب : رسائل الشهيد الثاني نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 53
الذي يَقطَعُ أهلُ النظرِ بأنّه لو صَرَفَ دَهْرَهُ على تحصيل العلومِ لم يَبْلُغْ تلك المرْتَبةَ، و نظائرهم؟ و كيف حُكْمُ المشتغِلِ بطلبِ المقدّماتِ المشترَطة عند تعذّرِ المجتهد؟ فإنّ الحكم ببطلان عبادة هؤلاء كادَ أنْ يكونَ من أفراد التكليف بما لا يُطاق.
قلت: الأمرُ على ما ذَكَرتَ من الحَرَجِ و الضرَرِ، و لكن لم أقِفْ لأحدٍ من أصحابِنا في ذلك على شيءٍ يقتضي صحّةَ تقليدهم للأموات مطلقاً، و القول بالجواز ممكن لو قال به أحد من المعتَبَرين مع مراعاة جانب الاحتياط في ذلك. و قد تَعَرّضَ لهذه المسألة المحقّقُ الشيخ عليّ (رحمه الله) في حاشية الشرائع و قال:
إنّه ليس ببعيدٍ في هذه الحالة الاستعانة بكتبِ المتقدّمينَ على معرفةِ بعض الأحكامِ، نعم يجبُ عليهم عند ضيقِ الوقتِ الإتيانُ بها على حسبِ الممكن، كحالةِ من لا يُحْسِنُ القِراءةَ و الذكرَ عند ضيقِ الوقتِ [1].
مع أنّه لو قُطِعَ بفَسادِ صلاةِ مَنْ قَدَرَ على التفقُّه في سالفِ الزمانِ عند تعذّرِ تقليده الآن، و إنْ كان مشتغِلًا بالمقدّمات لم يكنْ بعيداً، كيف لا؟ و الموجِبُ لهذِهِ الحَيرةِ و نزولِ هذه البليّةِ إنّما هو تقاعُدُهم عن تحصيلِ الحقّ، و فُتورُ عزيمتِهِم، و انحطاطُ نفوسِهِم عن الغَيرةِ على صلاحِ الدين و تحصيلِ مداركِ اليقين، حتّى آلَ الحالُ إلى انتقاضِ هذا البِناء، و فَسادِ هذه الطريقةِ السواءِ [2]، و اندَرَسَتْ معالمُ هذا الشأنِ بينَ أهل الإيمان، و قَلّتْ أو عَدِمَتْ كُتُبُ الرجالِ و الحديثِ التي هي أُصولُ الشريعةِ الغَرّاء، و شرطُ التوصّلِ إلى تلك المرتَبةِ الزهراء. حتّى أنّ الرجلَ من فُضَلاء هذا العصرِ ربما انْقضى زمانُهُ، و فَنِيَ عمرُهُ، و مَضى دهرُهُ، و هو لم يَنْظُرْ في كتابٍ من كُتُبِ الحديثِ مثلِ الكافي