تطالعنا
في هذه الآيات عدّة أُمور، منها: 1) فنّدت الآية مزاعم اليهود بشأن الكعبة و قبلة
المسلمين حين كثر اللغط الذي يصرّح بعدم صحّة نبوّة النبي صلى الله عليه و آله فهو
يصلّي الصبح صوب بيت المقدس، ثمّ يستقبل الكعبة في صلاة العصر، و إنّ مثل هذه
الأعمال لا تصدر من عاقل، و إلّا لما غيّر القبلة، فقد كان الهدف المهم هو بيان
أصالة الكعبة؛ لأنّ إبراهيم هو الذي بناها و رفع قواعدها، و إن كان النبي صلى الله
عليه و آله قد استقبل بيت المقدس لمدّة قصيرة فإنّما كان ذلك طبقاً لمقتضيات
المصالح الإسلامية العُليا لا على أساس عدم العلم و الإحاطة بالمغيبات. 2- نبيّنا
محمّد صلى الله عليه و آله شخصية أصيلة متجذّرة تستند رسالته و نبوّته لدعاء
إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام، إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام اللذان أعادا
بناء مركز التوحيد، و هما عبْدا اللَّه، الذين أخلصا له العبوديّة و الطاعة،
فسألاه تبارك و تعالى أن يبعث من ذريّتهما رسولًا ينطلق من قاعدة الإخلاص و
العبودية و الطاعة، و عليه فاليهود ينظرون أعمق من غيرهم إلى أصالة محمّد صلى الله
عليه و آله. 3- أنّ محمّداً صلى الله عليه و آله الذي ينتمي إلى ذريّة إبراهيم و
إسماعيل عليهما السلام هو من طائفة بني هاشم، و قد سألا الحقّ سبحانه أن يبعث هذا
النبي من تلك الطائفة لينهض بمسئولية تعليم و تزكية هذه الطائفة: وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ .... و بعبارة اخرى: أنّهما سألا اللَّه أن يبعث رسولًا من بني هاشم
يتولّى تعليم و تزكية جماعة من بني هاشم، أمّا كيف ندّعي أنّ الرسول المطلوب من
بني هاشم و أنّه يعلّم و يزكّي جماعة من بني هاشم، فممّا لا شكّ فيه أنّ إبراهيم و
إسماعيل عليهما السلام طلبا رسولًا من عقبهما لتعليم و تزكية ذريّتهما، حيث سألا
أن يكون