منصب
الولاية، أي كما أنّ الرسول هو ولي الأُمّة الإسلامية و القائم على تدبير شئونها؛
فإنّ لبعض المؤمنين- بنص الآية- مثل هذا المنصب، و القرائن التي وردت قبل هذه
الآية و بعدها إنّما تؤيّد صحّة هذا المدّعى. فقد خاطبت الآية السابقة جميع
المسلمين قائلة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ....
و صرّحت الآية اللاحقة بنفس المضمون قائلة:
وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ
اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ.
توضيح
المُراد:
الادّعاء
القائم هو أنّ العبارة «و الذين آمنوا»- في الآية التي نحن بصدد بحثها- مقتصرة
على جماعة معيّنة من المؤمنين، فولاية المسلمين بعد رسول اللَّه لهذه الجماعة، و
الشاهد على صحّة و تماميّة ذلك الآية التي سبقت:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا و الآية اللاحقة وَ مَنْ يَتَوَلَ، فالآية الشريفة
خطاب لكافّة المسلمين، فالمراد بالضمير المتّصل في جملة
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ هؤلاء المسلمون، و
المعنى: «أيّها المسلمون إنّما وليكم اللَّه و رسوله و بعض من المؤمنين». أمّا إذا
قلنا إنّما وليّكم اللَّه و رسوله و أنتم المسلمون جميعاً، فإنّ هذا المعنى ليس
بمعقول، فإنّه لا يمكن أن يكون للمسلمين جميعاً الولاية على أنفسهم، أ فليس مثل
هذا الجعل للحكم و المنصب لغواً؟ أو لا يوجب مثل هذا الأمر تصدّع و انهيار النظام
الاجتماعي؟!. أمّا الآية اللاحقة وَ مَنْ يَتَوَلَّ
اللَّهَ ... أي أنّ كلّ من امتثل حكومة و ولاية هؤلاء الأفراد بعد اللَّه و
رسوله، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى ظهور مجتمع قوي مقتدر و حزب يعرف باسم حزب اللَّه و
ستكون له الغلبة على الدوام.