الآية
الأُخرى التي كشفت عن علم الإمام بالغيب هي:
وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ
وَ سَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[1].
كيف
يعلم الجميع؟!
كيف
يعلم جميع المسلمين بسيرة المنافقين أو خفايا بعض الناس؟ اللَّه عالم الغيب و
الشهادة و الذي يكشف الأعمال و يريها من يقوم بها فيضعها نصب أعينهم، فالأعمال
التي تصدر من الناس- و على ضوء ذيل الآية- لا بدّ أن تكون الأعمال و الأفعال
الخفيّة، إلّا أنّنا نعلم أنّه لا يمكن للجميع الاطّلاع على هذه الخفايا، و هنا
لا بدّ من القول بوجود عدّة معدودة من المؤمنين- مضافاً إلى اللَّه و رسوله- تمتلك
رؤية ثاقبة تجعلها تخترق الحُجب و تطّلع على الخفاء، فلا بدّ أن نعرف من هي هذه
العدّة المعدودة من المؤمنين؟ قال المحقّق الطوسي في تفسيره التبيان: هؤلاء هم
الأئمّة الأطهار عليهم السلام، و قد جاء في الخبر أنّ أعمال الامّة تعرض كلّ يوم
اثنين و خميس على النبي صلى الله عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام [2]، و هذا ما أشار إليه الإمام الرضا
عليه السلام لابن الزيّات [3]. إذن، فالآية الكريمة ترى للأئمة رؤية ثاقبة كالتي لرسول اللَّه
صلى الله عليه و آله و التي تمكّنهم من الإحاطة بالخفيات. و أدنى تأمّل في صدر
الآية و ذيلها يقود إلى أنّ تلك العدّة المعيّنة من المؤمنين عالمة بالغيب و
الشهادة أيضاً، فقد ورد لفظ الجلالة في أوّل الآية دون قيد ثمّ أردف بالرسول، و
هؤلاء المؤمنين في طول لفظ الجلالة في الاطّلاع على