سَمَّاكُمُ
الْمُسْلِمِينَ اللَّه سمّانا المسلمين مِنْ قَبْلُ في الكتب التي مضت وَ فِي هذا القرآن لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا
شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ[1] فرسول اللَّه صلى الله عليه و آله الشهيد علينا بما بلّغنا عن
اللَّه تبارك و تعالى، و نحن الشهداء على الناس، فمن صدّق يوم القيامة صدّقناه، و
من كذّب كذّبناه [2].
فالأئمة عليهم السلام على رؤية واسعة و بصيرة ثاقبة بحيث لا تخفى عليهم خافية من
أعمال الناس، و ما هذه إلّا عناية و رحمة إلهية. و استناداً لما تقدّم يمكن الجزم
بأنّ الأئمّة عليهم السلام عالمون بالغيب، محيطون بخفايا الحوادث، بصيرون بشئون
الأُمّة، و هذا ما يستشفّ بوضوح من دلالة الآية و لا سيّما من خلال تأييدها بقول
الإمام. أمّا الآية الأُخرى التي تدلّ على أنّ هذه الصفوة مشمولة بلطف اللَّه و
عنايته فهي: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ
عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ
بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ[3]. لقد مررنا سابقاً مرور الكِرام على
هذه الآية، و هي تكشف بعمق عن مدى عظمة الإمام، بحيث خشينا من كثرة الاستعراض فيها
أن نكون في زمرة «فمنهم ظالم لنفسه».
دراسة
الآية:
سبقت
هذه الآية بقوله سبحانه: وَ الَّذِي
أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ
يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ * ثُمَّ أَوْرَثْنَا
الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا[4]. نفهم من الآية أنّ المُراد بالكتاب هو «القرآن»؛ لأنّ