و
يدور حول محور الاستنباط القرآني أيضاً، حيث يفيد القرآن وجود صفوة مجتباة من
الناس تتمتّع برؤية و بصيرة ثاقبة لآفاق العلم، و أنّ اللَّه قد أفاض عليهم من
فضله و رحمته ما نوّر به قلوبهم، بحيث خرقوا الحُجب و أحاطوا بجميع الأحداث و
الأسرار. و كانت أهمّ آية طالعتنا في هذا الفصل هي الآية الأخيرة من سورة الحجّ لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ
عَلَى النَّاسِ[1]
فقد كانت هذه الآية إلى جانب القرائن الثلاث القطعية صريحة في أنّ المخاطب بها
صفوة من أهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله أبناء إبراهيم الأئمّة الأطهار عليهم
السلام و قد مرّ شرح ذلك. فالآية تفيد إبلاغ الوحي للنبي بآفاق الغيب، و هو ينقلها
بدوره إلى الأئمّة بما لا يدع مجالًا للشكّ بعلمهم بأعمال الخلائق و الإدلاء
بالشهادة عليهم في محكمة العدل الإلهي. و قد تعرّضنا
[2] لرواية الإمام الباقر عليه السلام التي تناولت الآية الشريفة، و
الرواية سالمة السند و لا بأس بذكر رجالها: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن
أبي عُمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ...
فالرواية موثوقة السند و الرواة من الثقات، و نوكل الخوض في التفاصيل- الخارجة عن
بحث الكتاب- إلى اصول الكافي باب «إنّ الأئمّة شُهداء على خلقه». فقد جاء في الرواية:
قلت قوله تعالى: وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ
جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ، قال: إيّانا عنى و نحن
المجتبون مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ
إيّانا عنى خاصّة و