الخطاب
للنبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله و الكتاب الذي أوحي إليه هو القرآن، ثمّ شرعت
الآية الثانية بقوله: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ، فالكتاب هو القرآن، و التعريف إشارة إلى ذلك الكتاب العزيز، ثمّ
حرف عطف يفيد التراخي و ظهور الثاني بعد الأوّل، فالمعنى ثمّ أودعنا القرآن تلك
الطائفة المصطفاة من العباد، و بناءً على هذا فإنّ وارثي الكتاب و حافظي الوحي
السماوي هم صفوة مختارة من عباد اللَّه.
عباد،
أم صفوة مصطفاة من العباد؟
هل
أودع الكتاب صفوة مصطفاة من العباد، أم كافّة العباد؟ بعبارة اخرى:
هل
الكتاب إرث عامّ تتولّى جميع الأُمّة مسئولية حفظه و تطبيق تعاليمه و أحكامه فهو
وديعة عامّة، أم تقتصر هذه الوظيفة و المسئولية على صفوة خاصّة مصطفاة من بين
خلّص العِباد؟ ما الذي نفهمه من قوله تعالى:
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا؟ لا نشكّ أنّ هذه الوظيفة الخطيرة إنّما ينهض بها المصطفون؛ لأنّ
الآية تفيد نقل الكتاب إلى نخبة من العباد لا جميعهم.
مَنْ
هُم المصطفون من العباد؟
ذكرنا
سابقاً أنّ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا
هم صفوة مختارة من بين العباد لإخلاصهم و تسليمهم و عبوديتهم المحضة للَّه و
خلوّهم من كلّ عيب و نقص، و قلنا في حينه: إنّ هذه الصفوة هم الأئمّة الأطهار
عليهم السلام. و لا يسعنا إلّا أن نذكر دليلًا واضحاً في إثبات هذا الأمر بغية
طمأنة الآخرين.
الدليل
الدامغ:
تبيّن
ممّا أوردناه بشأن الآية 32 و 33 من سورة آل عمران