و الجمع بين الطائفتين أن يقال: إنّ المراد بعدم التقيّة
فيما ذكر، ليس كونه مستثنى من عمومات التقيّة حتّى يُنافي الطائفة الثانية، بل
المراد أنّه لا موقع للتقيّة فيه غالباً؛ لعدم وجوب شرب الخمر و المسح على
الخُفّين عندهم؛ حتّى يكون تركهما مخالفاً لطريقهم، و أمّا متعة الحجّ فيمكن
الإتيان بها من دون التفاتهم؛ لأنّهم- أيضاً إذا دخلوا مكّة يطوفون و يسعون، و
عمرة التمتّع لا تزيد عليهما، و النيّة أمر قلبي لا يطّلع عليه الناس، و التقصير
أيضاً يمكن إخفاؤه عنهم؛ إذ هو يتحقّق بمجرّد نتف شعرة واحدة أو قصّ ظفر واحد.
و يمكن أن يكون وجه الجمع: هو أنّ الأئمّة (عليهم السّلام)
كانوا لا يتّقون في المذكورات؛ لكون الفتوى بحرمة النبيذ و المسح على الخُفّين و
جواز متعة الحجّ معروفاً عنهم؛ بحيث يعرفه خلفاء الجور منهم، و ذلك لا يوجب عدم
تقيّة الشيعة فيه أيضاً، و يؤيّد هذا الوجه ما في ذيل صحيحة زرارة المتقدّمة من
قوله: و لم يقل: «الواجب عليكم أن لا تتّقوا فيهنّ أحداً».
[1] تهذيب الأحكام
1: 362/ 1092، الإستبصار 1: 76/ 236، وسائل الشيعة 1: 458، كتاب الطهارة، أبواب
الوضوء، الباب 38، الحديث 5.
[2] اختيار معرفة
الرجال: 207/ 364، وسائل الشيعة 16: 216، كتاب الأمر و النهي، الباب 25، الحديث 7.