الدلالة منه؟! فإنّ قوّة الظهور و ضعفه خارجان عمّا هو ملاك
الرجحان و المرجوحيّة بنظر العقل.
هذا كلّه، مضافاً إلى أنّه لانسلّم ظهور القضيّة الشرطيّة
في السببيّة، فضلًا عن السببيّة المستقلّة، فإنّ معنى السببية هو التأثير في إيجاد
المسبّب.
تحقيق المقام
و حينئذٍ فنقول: إنّ السبب في المقام هل هو طبيعة الشرط، أو
الشرط بوجوده الخارجي؟ و المسبّب هل هو وجوب الوضوء- مثلًا أو إيجابه، أو نفس
الوضوء بطبيعته، أو بوجوده الخارجي؟ و كلّها غير صحيح؛ لأنّا نرى بالوجدان أنّ
النوم- مثلًا لا يكون سبباً للوضوء خارجاً بحيث يوجد عند وجوده، و سببيّة طبيعة
لطبيعة أُخرى غير معقولة، و إيجاب الوضوء أيضاً لا يكون مسبَّباً عن النوم، بل عن
إرادة الشارع الناشئة من العلم بمصلحة الوضوء عقيب النوم، و الوجوب ينتزع من
البعث، و لا معنى لأن يكون مسبّباً عن النوم، فظهور القضيّة الشرطيّة في
التشريعيّات في السببية لا مجال لادّعائه.
نعم لها ظهور في كون الشرط تمام الموضوع لترتّب الجزاء من
دون مدخليّة شيء آخر، و هذا الظهور ليس من باب دلالة اللفظ، بل إنّما هو حكم
العقل: بأنّ المتكلّم الفاعل المختار- بعد كونه بصدد بيان تمام ما هو الموضوع
لحكمه إذا لم يأخذ إلّا نفس الطبيعة يستفاد من ذلك عدم مدخليّة شيء آخر في ترتّب
حكمه، فقوله: «إذا نمت فتوضّأ» بمنزلة قوله: «النائم يتوضّأ»، و حينئذٍ فالظهور في
الصدر إنّما هو من باب الإطلاق، كظهور الجزاء، لا من باب ظهور اللفظ في السببيّة.
و نحن و إن اخترنا في الأُصول إمكان تعلّق الجعل بالسببيّة
في الأُمور