أنّ ظهور القضيّة الشرطيّة في السببيّة المستقلّة مقدّم
عليه؛ لأنّ الظهور في الأوّل إطلاقيّ يتوقّف على مقدّماته التي منها عدم البيان،
و من المعلوم أنّ إطلاق السبب منضمّاً إلى حكم العقل: بأنّ تعدّد المؤثّر يستلزم
تعدّد الأثر، يكون بياناً للجزاء، و معه لا مجال للتمسّك بإطلاقه، و ليس المقام من
قبيل تحكيم أحد الظاهرين على الآخر حتّى يطالب بالدليل، بل لأنّ وجوب الجزاء
بالسبب الثاني يتوقّف على إطلاق سببيّته، و معه يمتنع إطلاق الجزاء بحكم العقل،
فوجوبه ملزوم لعدم إطلاقه، نعم التمسّك بالإطلاق إنّما يحسن في الأوامر
الابتدائيّة المتعلّقة بطبيعة واحدة، لا في ذوات الأسباب، فإنّ مقتضى إطلاق
الجميع كون ما عدا الأوّل تأكيداً له، و احتمال التأسيس ينفيه أصالة الإطلاق [1].
و يرد عليه: ما عرفت آنفاً من أنّ إطلاق الجزاء في كلّ
قضيّة، لا ينافي ظهور تلك القضيّة في السببيّة المستقلّة أصلًا؛ لأنّه لا مانع من
أن يكون النوم- مثلًا علّة مستقلّة لوجوب طبيعة الوضوء غير مقيّدة بشيء، بل العقل
بعد ملاحظة القضيّتين أو القضايا، يحكم بعدم إمكان الاجتماع؛ لأنّه لا يُعقل أن
يؤثّر سببان مستقلّان أو أزيد في إيجاد حكمين أو أحكام على طبيعة واحدة، فعدم
الاجتماع حكم عقليّ بعد ملاحظة مجموع القضيّتين معاً.
و حينئذٍ فمجرّد كون الظهور في الجزاء إطلاقيّاً- يتوقّف
على عدم البيان لا يوجب ترجيح الظهور الأوّل عليه؛ إذ لا فرق في نظر العقل بين
رفع اليد عن ظهور الصدر أو ظهور الذيل.
و هل يتوهّم أحد فيما لو حكم العقل- مثلًا بامتناع اجتماع
الحكمين اللّذين أحدهما عامّ و الآخر مطلق ترجيحَ الأوّل على الثاني؛ لكونه أظهر
في