و بالجملة: فالظاهر اعتبار الملاقاة في الجملة؛ و لو لم يكن الجزء
الداخل علّة تامّة للتغيّر، بل كان مستنداً إلى المجموع.
ثمّ إنّ التغيّر قد يحصل بوقوع عين النجاسة في الماء، و قد يتحقّق
بوقوع أثر النجاسة في ضمن المتنجّس. و هذا على قسمين:
قسم يكون مع المتنجّس شيء من أجزاء النجس، كما إذا تغيّر لون ماء
قليل بدم، ثمّ القي هذا الماء على الماء الجاري، و تغيّر بسببه.
و قسم لا يكون كذلك كما إذا اختلط الماء المتغيّر ريحه بسبب الملاقاة
للميتة مثلًا مع الماء الجاري، و تغيّر بسببه.
و قد يحصل بوقوع أثر النجاسة و لو في ضمن غير المتنجّس، كما لو أخذ
شيءٌ ريحَ الجيفة مثلًا بسبب المجاورة أو الملاصقة، ثمّ وقع ذلك الشيء في الماء،
و تغيّر بسبب وقوعه فيه. فهنا أربع صور:
و لا إشكال في ثبوت الحكم في الصورة الأُولى.
كما أنّه لا ينبغي الإشكال في ثبوته في الصورة الثانية؛ لأنّ المفروض
أنّ التغيّر مستندٌ إلى بعض أجزاء النجاسة. و بعبارة اخرى: قد تغيّر الماء بسبب
الملاقاة مع النجس.
و أمّا الصورتان الباقيتان، فثبوت الحكم فيهما محلّ إشكال؛ لأنّ مفاد
الأخبار أنّ الحكم ثابت فيما لو استند التأثير إلى شيء من الأعيان النجسة؛
لأنّها هي الصالحة لتنجيس شيء آخر، و في هاتين الصورتين لا يكون كذلك:
أمّا في الصورة الأخيرة فواضح. و أمّا في الصورة الأُخرى فلأنّ
المفروض عدم كون شيء من أجزاء النجس مع المتنجّس، بل التغيّر مستند إليه فقط.
ثمّ إنّه يعتبر مع ذلك أن يكون الأثر لنفس النجاسة الواقعة في الماء،
فلو كان النجس الملاقي واسطة في انتقال أثر النجس الآخر إلى الماء، لم يكفِ