ثمّ
قال: وعليه فالتعريف يرتكز على ركيزتين وتدور المسائل الاصوليّة مدارهما وجوداً
وعدماً:
الركيزة
الاولى: أن تكون استفادة الأحكام الشرعيّة الإلهيّة من المسألة من باب
الاستنباط والتوسيط لا من باب التطبيق- أي تطبيق مضامينها بنفسها على مصاديقها-
كتطبيق الطبيعي على أفراده.
والنكتة
في اعتبار ذلك في تعريف علم الاصول، هي الاحتراز عن القواعد الفقهيّة، فإنّها
قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعيّة الإلهيّة، ولا يكون ذلك من باب
الاستنباط والتوسيط، بل من باب التطبيق، وبذلك خرجت عن التعريف.
ولكن
ربما يورد بأنّ اعتبار ذلك يستلزم خروج عدّة من المباحث الاصوليّة المهمّة عن علم
الاصول، كمباحث الاصول العمليّة الشرعيّة والعقليّة، والظنّ الانسدادي بناءاً على
الحكومة، فإنّ الاولى منهالا تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي الكلّي، لأنّ
إعمالها في مواردها إنّما هو من باب تطبيق مضامينها على مصاديقها وأفرادها، لا من
باب استنباط الأحكام الشرعيّة منها وتوسيطها لإثباتها، والأخيرتين منها لا تنتهيان
إلى حكم شرعي أصلًا لا واقعاً ولا ظاهراً.
وبتعبير
آخر: إنّ الأمر في المقام يدور بين محذورين: فإنّ هذا الشرط على تقدير اعتباره في
التعريف يستلزم خروج هذه المسائل عن مسائل هذا العلم، فلا يكون جامعاً، وعلى تقدير
عدم اعتباره فيه يستلزم دخول القواعد الفقهيّة فيها، فلا يكون مانعاً.
فإذاً
لابدّ أن نلتزم بأحد محذورين: فإمّا أن نلتزم باعتبار هذا الشرط لتكون نتيجته خروج
هذه المسائل عن كونها اصوليّة، أو نلتزم بعدم اعتباره