2-
نظريّة المحقّق الخراساني رحمه الله في ملاك تمايز العلوم
وذهب
المحقّق صاحب الكفاية إلى أنّ تمايزها بتمايز الأغراض المترتّبة على العلوم
الداعية إلى تدوينها، كالاقتدار على الاستنباط في علم الاصول، وصون اللسان عن
الخطأ في المقال في علم النحو، وعصمة الذهن عن الخطأ في الفكر في علم المنطق،
وهكذا [1].
وذهب
إليه قبله المير سيّد شريف الجرجاني، فتبعه جماعة منهم المحقّق الخراساني رحمه
الله.
والتأمّل
في كلامه من الصدر إلى الذيل يدلّنا على أنّه استدلّ لإثبات مذهبه في المقام بأنّ
العلم عبارة عن مجموعة مسائله المتعدّدة التي جمعها الدخل في الغرض الذي دوّن
لأجله العلم، فمسائل علم النحو مثلًا وإن كانت متكثّرة ومتشتّتة، إلّاأنّ لها
جامعاً، وهو أنّها تشترك في الدخل في الغرض الباعث على تدوين هذا العلم، وهو «صون
اللسان عن الخطأ في المقال».
فالمحور
الذي حوله تدور مسائل العلم هو الغرض، وإذا ضممنا إليه أنّ الغرض في كلّ علم لا
يكون إلّاواحداً كما ذهب إليه المشهور ومنهم صاحب الكفاية رحمه الله ثبت لا محالة
أنّ كلّ علم يمتاز عن سائر العلوم بالغرض الداعي إلى تدوينه.
فكلّ
مسألة شككنا في كونها من مسائل النحو مثلًا نعرضها على غرضه، فإن كانت دخيلةً فيه
نعلم أنّها من النحو وإلّا فلا.
ولا
ينافيه كون بعض المسائل مؤثّرة في غرضين لأجل كلّ منهما وضع علم على حدة، فإنّها
حينئذٍ تكون من مسائل العلمين.