الذاتيّة»
قضيّة تفوّه بها ابتداءً المنطقيّون والفلاسفة، وتبعهم غيرهم في ذلك كما تقدّم.
والعرض [1] عند المنطقيّين والفلاسفة أمر واقعي
خارج عن الشيء عارض عليه.
فيرد
عليهم: أنّ البحث في بعض العلوم الواقعيّة مثل العرفان والكلام ليس بحثاً عن العرض
بهذا المعنى، فإنّ مثل قولنا: «اللَّه عالم» مسألة كلاميّة، مع أنّ علمه تعالى
عين ذاته، فلا يمكن القول بكونه من عوارضه.
وقول
العلّامة الطباطبائي رحمه الله باختصاص قضيّة «موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن
عوارضه الذاتيّة» بالعلوم البرهانيّة وعدم شمولها للعلوم الاعتباريّة- على فرض
صحّته- لا يجدي في رفع الإشكال، ضرورة أنّ الكلام علم برهاني كما تقدّمت الإشارة
إليه.
بل
يرد عليهم في العلوم الاعتباريّة كالفقه والاصول أيضاً إشكال آخر، وهو أنّك عرفت
أنّ العرض في اصطلاح المنطقيّين والفلاسفة أمر واقعي، مع أنّ محمولات مسائل هذه
العلوم امور اعتباريّة ليس بإزائها شيء في الخارج.
فهذا
علم الفقه يبحث فيه عن الأحكام التكليفيّة كوجوب الصلاة وحرمة
[1] العرض قد يطلق في مقابل الجوهر، وهما
يشتركان في أنّ كلّاً منهما أمر واقعي بإزائه شيء في الخارج، ويفترقان في أنّ
الجوهر يستقلّ في وجوده، بخلاف العرض، فإنّه يحتاج في وجوده إلى المعروض.
وقد
يطلق في مقابل الذات والذاتي، والمراد به الأمر الخارج عن ذات الشيء العارض عليه،
والعرض بهذا المعنى أيضاً كالذات والذاتي أمر واقعي بازائه شيء في الخارج، ولا
يختصّ بالمقولات التسع العرضيّة، بل قد يكون جوهراً.
والظاهر
أنّ العرض في المقام يكون بهذا المعنى، أي ما يقابل الذات والذاتي، ويعبّر عنه
بالعرض في باب الايساغوجي. منه مدّ ظلّه.