صانع المرآة ينظر إليها بالأصالة، فالواضع أيضاً ينظر إلى اللفظ كذلك، وشأن مستعمل اللفظ كشأن مستعمل المرآة في عدم كون نظرهما أصيلًا.
فإذا كان الواضع ينظر إلى كلّ واحد من اللفظ والمعنى مستقلّاً فلابدّ له من تصوّرهما عند الوضع، سواء فسّر الوضع بالمعنى المختار أو بأحد المعاني الاخرى.
مقامات البحث
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه لابدّ من البحث في مقامات ثلاثة:
أ- في انحصار الوضع بحسب تصوّر العقل في أقسام أربعة، وبيان المراد منها.
ب- في إمكان هذه الأقسام.
ج- في وقوعها.
أمّا المقام الأوّل
فتوضيحه أنّ المعنى المتصوّر حين الوضع والموضوع له إمّا يتّحدان في الكلّيّة والجزئيّة أو يتغايران، فالأقسام أربعة:
أ- ما يسمّى بالوضع [1] العامّ والموضوع له العامّ، وهو أن يتصوّر الواضع معنىً كلّيّاً ويضع اللفظ لنفس ذلك الكلّي، كوضع أسماء الأجناس.
ب- ما يسمّى بالوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ، وهو أن يكون المتصوّر جزئيّاً والموضوع له نفس ذلك الجزئي، كوضع الأعلام الشخصيّة.
ج- ما يسمّى بالوضع العامّ والموضوع له الخاصّ، وهو أن يلاحظ الواضع
[1] المراد بالوضع هاهنا المعنى الذي يتصوّره الواضع. منه مدّ ظلّه.