و
رواية إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام): أنّ محمّد بن أبي
بكر كتب إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام): يسأله عن رجل مجنون قتل رجلًا عمداً،
فجعل الدّية على قومه، و جعل خطأه و عمده سواء
[2].
و
رواية أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السّلام) أنّه كان يقول في
المجنون و المعتوه الذي لا يفيق، و الصبي الذي لم يبلغ: عمدهما خطأ تحمله العاقلة،
و قد رفع عنهما القلم [3].
و
رواية بريد العجلي قال: سئل أبو جعفر (عليه السّلام) عن رجل قتل رجلًا عمداً فلم
يقم عليه الحدّ و لم تصحّ الشهادة عليه حتّى خولط و ذهب عقله، ثمّ إنّ قوماً آخرين
شهدوا عليه بعد ما خولط أنّه قتله؟ فقال: إن شهدوا عليه أنّه قتله حين قتله و هو
صحيح ليس به علّة من فساد عقل قتل به، و إن لم يشهدوا عليه بذلك و كان له مال يعرف
دفع إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل، و إن لم يكن له مال اعطي الدية من بيت
المال، و لا يبطل دم امرئ مسلم [4]، فإنّها ظاهرة في ترتّب القصاص على إحراز كون القاتل عاقلًا حين
القتل، و ليس به علّة من فساد العقل.
و
أمّا قوله (عليه السّلام): «و إن لم يشهدوا عليه بذلك»، فالظاهر أنّ المراد به عدم
الشهادة على عقله، مع ثبوتها على أصل تحقّق القتل منه، غاية الأمر أنّه لا يعلم
كونه عاقلًا أو مجنوناً حينه، و حينئذ فالحكم بثبوت الدية في مال القاتل دون
القصاص و دون
[1] وسائل الشيعة: 19/ 307، كتاب الديات، أبواب
العاقلة ب 11 ح 1.
[2] وسائل الشيعة: 19/ 307، كتاب الديات، أبواب
العاقلة ب 11 ح 5.
[3] وسائل الشيعة: 19/ 66، أبواب القصاص في
النفس ب 36 ح 2.
[4] وسائل الشيعة: 19/ 52، أبواب القصاص في
النفس ب 29 ح 1.