و
كيف كان فالظاهر أنّ مقتضى القاعدة هو ثبوت القصاص؛ لأنّ المفروض قصد القتل و
تحقّقه في الخارج، و مجرّد عدم تأثير الآلة في القتل إلّا نادراً لا يقتضي الخروج
عن صدق عنوان العمد، و لكنّه ورد في هذا الأمر روايات مختلفة:
فطائفة
منها تدلّ على تحقّق العمد في هذا المورد:
مثل:
صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو عبد اللَّه (عليه السّلام): يخالف
يحيى ابن سعيد قضاتكم؟ قلت: نعم، قال: هات شيئاً ممّا اختلفوا فيه، قلت: اقتتل
غلامان في الرحبة، فعضّ أحدهما صاحبه، فعمد المعضوض إلى حجر فضرب به رأس صاحبه
الذي عضّه، فشجّه فكزّ فمات، فرفع ذلك إلى يحيى بن سعيد فأقاده، فعظم ذلك على ابن
أبي ليلى و ابن شبرمة، و كثر فيه الكلام و قالوا: إنّما هذا الخطأ، فودّاه عيسى
بن علي من ماله. قال: فقال: إنّ من عندنا ليقيدون بالوكزة، و إنّما الخطأ أن يريد
الشيء فيصيب غيره [3].
و
الغلامان في الرّواية محمول على البالغين، و الظاهر إرادة القتل في مورد الرّواية،
كما يدلّ عليه قوله: «اقتتل»، و عليه فحصر الخطأ فيما إذا أراد الشيء فأصاب غيره
ظاهر في ثبوت العمد في مورد الرواية مع كون الحجر لا يقتل غالباً.
و
صحيحة الحلبي، قال: قال أبو عبد اللَّه (عليه السّلام): العمد كلّ ما اعتمد شيئاً
فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة، فهذا كلّه عمد؛ و الخطأ من اعتمد شيئاً