عن
ذلك لم يمهل؛ لأدائه إلى طول الاستمرار على الكفر، و لمضيّ ما كان يمكنه فيه إبداء
العذر و إزالته و لم يبديه فيه» [1] و في الجواهر بعد نقل العبارة: «و لم أجده أي هذا القول لأحد من
أصحابنا، و لعلّه لبعض العامّة، و لا ريب في وضوح ضعفه ..» [2] أقول: الظاهر ما أفاده صاحب الجواهر
من عدم كونه معذوراً في الشبهة التي هي أوجبت الارتداد، إذ الظاهر أنّه ليس المراد
منها شبهة اخرى غير ما أوجبت الارتداد، و عليه لا ينبغي الإشكال في عدم
المعذوريّة؛ لعدم كون المسلم معذوراً في الارتداد، و السرّ فيه: أنّ الإسلام حيث يكون
مطابقاً للفطرة و المنطق، و ليس فيه أصلًا و فرعاً ما ينافي العقل السليم، و يخالف
الفطرة غير المنحرفة، فالشبهة فيه إذا تحقّقت تكون ناشئة من عدم التحقيق الكامل، و
القصور في الدقّة و التعميق، و عليه فلا مانع من دلالة إطلاق النصّ على عدم
الإمهال و لزوم التوبة عقيب الاستتابة بلا فصل، أو في الثلاثة المذكورة في الرواية
و يؤيّد الإطلاق رواية أبي الطفيل: أنّ بني ناجية قوماً كانوا يسكنون الأسياف، و
كانوا قوماً يدعون في قريش نسباً، و كانوا نصارى، فأسلموا، ثمّ رجعوا عن الإسلام،
فبعث أمير المؤمنين (عليه السّلام) معقل بن قيس التميمي، فخرجنا معه، فلمّا
انتهينا إلى القوم جعل بيننا و بينه أمارة، فقال: إذا وضعت يدي على رأسي فضعوا
فيهم السلاح، فأتاهم، فقال: ما أنتم عليه؟ فخرجت طائفة فقالوا: نحن نصارى فأسلمنا
لا نعلم ديناً خيراً من ديننا، فنحن عليه، و قالت طائفة: نحن