الثانية:
ما إذا كان الغرض التوصّل بها إلى حقّه، و كان طريقه منحصراً إلى ذلك، و لا سبيل
له على التوصّل إلى حقّه غير ذلك، فالظّاهر الجواز للدافع و عدمه للآخذ، و ذلك
لأنّ الرشوة و إن كانت محرّمة، و مرتبةُ الحرمة فيها و إن كانت عالية حتى إنّه عدّ
كفراً أو شركاً باللَّه العظيم في النصوص و الروايات
[1]، إلّا أنّه قد يعرض ما يوجب الجواز، مثل ما إذا صارت مكرهاً عليها
بالإكراه الذي يكون التوعيد فيه أهمّ أو مساوياً لحرمة الرشوة، و مثل ما إذا انحصر
طريق استيفاء الحقّ على الرّشوة، فإنّها تصير حينئذٍ جائزة للدافع و إن كانت
محرّمة على الآخذ، و قد تقدّم ما يدلّ على جواز الحلف كاذباً لمن يريد حفظ ماله و
إن لم يكن حرجيّا.
الثالثة:
ما إذا لم يكن الطريق منحصراً إلى ذلك، و لكن كان الدافع محقّاً في ذلك ربّما يقال
كما عن الفاضلين [2]
و صاحب المسالك بالجواز [3]، نظراً إلى اختصاص عنوان الرشوة بالحكم بالباطل، و لكن عن مفتاح
الكرامة أنّ الرشوة عند الأصحاب ما يعطى للحكم حقّا و باطلًا [4]، و إنّ المتفاهم العرفي أيضاً من
الرشوة هو الأعمّ، نعم عن مجمع البحرين قلّما تستعمل الرشوة إلّا فيما يتوصّل به
إلى إبطال حقّ أو تمشية باطل [5].
و
من الروايات التي يستفاد منها عموميّة الرشوة حتى لغير باب القضاء
[1] وسائل الشيعة: 17/ 92- 96، كتاب التجارة،
أبواب ما يكتسب به ب 5/ ح 1، 2، 8، 10، 12، 16، و ج 27/ 222- 223، كتاب القضاء،
أبواب آداب القاضي ب 8 ح 3 و 8.
[2] شرائع الإسلام: 4/ 87، المسألة السادسة
عشرة، تحرير الأحكام: 5/ 115، قواعد الأحكام: 3/ 429.