الاستظهار
في كمال خلاف الظاهر، و السّر في عدم تكرار «منها» في الجملات البعديّة لزومه
كثيراً، و لا يناسب مقام المتكلّم الأديب سيّما الإمام (عليه السّلام)، و لكنّه مع
ذلك لا يبعد أن يقال: إنّ «القضاة» لا دلالة لها على العموم، بل الألف و اللام
فيها إشارة إلى القضاة المعهودين في تلك الأزمنة، و هم قضاة الجور، و لا دلالة
للرواية على أزيد من حرمة أُجورهم، كما لا يخفى.
ثانيتهما:
صحيحة عبد اللَّه بن سنان قال: سئل أبو عبد اللَّه (عليه السّلام) عن قاض بين
قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق؟ فقال: ذلك السّحت [1]. و ظهور دلالتها على الحرمة في قاضي
الجور المنصوب من قبل سلطان الجور لا يكاد ينكر، و لا دلالة لها على الحرمة
مطلقاً.
مع
أنّ هنا بعض ما يدلّ على الجواز، مثل: قول علي (عليه السّلام) فيما عهده إلى مالك
الأشتر حين ولّاه مصر، فإنّ فيها بعد ذكر صفات القاضي قال: و أكثر تعاهد قضائه، و
افسح له في البذل ما يزيح علّته، و تقلّ معه حاجته إلى الناس، و أعطه من المنزلة
لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصّتك [2]. و غير ذلك من الروايات الدالّة على الجواز.
[1] الكافي: 7/ 409 ح 1، تهذيب الأحكام: 6/ 222
ح 527، الفقيه: 3/ 4 ح 12، و عنها وسائل الشيعة: 27/ 221، كتاب القضاء، أبواب آداب
القاضي ب 8 ح 1.
[2] نهج البلاغة للدكتور صبحي صالح: 435، كتاب
53، و عنه وسائل الشيعة: 27/ 224، كتاب القضاء، أبواب آداب القاضي ب 8 ح 9.