و
يؤيّده التفصيل في بعضها بين ما إذا كان المخبر بذلك ثقة أم لا، مع أنّه لا يعتد
بقول الثقة الواحد بل العدل الواحد في مقام القضاء أصلًا، فاستفادة حكم المقام من
تلك الأخبار غير تامة جدّاً، فافهم و تأمّل.
الصورة
الثانية: ما إذا لم يصدّقه المدّعى في قوله: «لا أدري» و مثله، بل ادّعى بأنّه
عالم بأنّه ذو حقّ و قوله مخالف للواقع، و في هذه الصّورة له عليه الحلف على عدم
الدّراية، فإن حلف سقطت دعوى المدّعى بأنّه عالم، و لكن تبقى الدعوى على أصل الحقّ
بحالها، كما سيصرّح به في المسألة الآتية.
و
بعبارة أخرى يثبت بحلف المدّعى عليه عدم الدراية، و مرجعه إلى عدم اشتغال ذمّته
بالحقّ ظاهراً، و أمّا عدم اشتغالها به واقعاً فلا مجال لثبوتها بهذا الحلف، بل
يكون على فرضه على حاله، فيجوز له إقامة البيّنة عليه بعد ذلك، كما أنّه تجوز
المقاصة من ماله على ما يأتي إن شاء اللَّه تعالى
[1]، و إن ردّ الحلف على المدّعى فحلف على أنّه عالم بكونه ذا حقّ يثبت
بذلك أصل الحقّ الواقعي؛ لأنّ ثبوت العلم بالحقّ لا يجتمع إلّا مع ثبوت الحقّ، و
إلّا فيلزم أن يكون العلم جهلًا مركّباً، و المفروض أنّه قد حلف على ثبوت علمه
بالحقّ، كما لا يخفى.