الأمر
الثاني: في الحرمة بالإضافة إلى من لم يرَ نفسه جامعاً للشرائط، و لو في الأشياء
الحقيرة اليسرة، و ليعلم الفرق بين المقام و بين باب صلاة الجماعة، التي ربّما
يقال فيها بجواز تصدّي الإمامة فيها لمن لم يرَ نفسه عادلًا مثلًا إذا كان المأموم
معتقداً بعدالته، و ذلك لأنّ القضاء فعل القاضي و هو يتلبّس به، و الجماعة متقوّمة
بالمأمومين المؤتمّين. فاعتقاد كلّ من القاضي في المقام و المأموم هناك هو الملاك
و المعيار، فلا يقاس القاضي هنا بالإمام هناك، كما أنّه لا بدّ من توضيح أنّ
الكلام هنا في الحرمة التي هي حكم تكليفيّ زائدة على الفساد، و عدم صحّة القضاء و
عدم نفوذه بلحاظ عدم الجامعيّة للشرائط الآتية.
و
بعبارة اخرى محلّ البحث ثبوت الحرمة التكليفيّة المستتبعة لاستحقاق العقوبة، مع
التفاوت القاضي إلى عدم ترتّب حكم شرعيّ على فصل خصومة و رفع منازعة؛ لعدم ثبوت
هذا المنصب الشرعيّ له بلحاظ عدم الجامعيّة. فهنا أمران: البطلان و الفساد، و
الحرمة الموجبة للإثم، إذ ليس البحث في الفساد بعد أنّه لا يرى لنفسه الجامعيّة
لشرائط الفتيا، بخلاف البيع الفاسد مثلًا، فإنّه لا يكون فيه إلّا الفساد و عدم
تأثير التمليك و التملّك، و يترتّب عليه الأُمور المذكورة في المقبوض بالبيع و
العقد الفاسد. و أمّا الحرمة التكليفيّة بالإضافة إلى أصل عقد المعاملة و الإنشاء
اللفظي أو الكتبي فلا.
و
حينئذٍ نقول: ربّما يستدلّ على حرمة القضاء الذي هو فعل القاضي في المقام بعدّة من
الروايات:
مثل:
مقبولة عمر بن حنظلة المعروفة، قال: سألت أبا عبد اللَّه (عليه السّلام) عن رجلين
من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السّلطان و إلى القضاة، أ
يحلّ