قوله
عليه السّلام: الزعيم غارم [1] في اختصاص الغرم به، و لغير ذلك ممّا هو في مذهب الخصم، بعد الغضّ
عن عدم تصوّر شغل ذمّتين فصاعدا بمال واحد، و قد بيّنا أنّ المشغول به في تعاقب
الأيدي على المغصوب ذمّة واحدة، و هو من تلف في يده المال مثلا، و إن جاز له
الرجوع على كلّ واحد، و إلّا فهو مناف للمقطوع به من مذهبنا [2]، انتهى موضع الحاجة.
و
كيف كان، لا ينبغي الارتياب في أنّ النون أصليّة غير زائدة، و هو لا ينطبق إلّا
على ما يقول به فقهائنا (رضي اللّه تعالى عنهم). و ما أفاده في الجواهر من عدم
تصوّر شغل ذمّتين أو أزيد بمال واحد ممنوع جدّا؛ لأنّ دليل ضمان اليد بالنسبة إلى
الأيدي المتعاقبة متساوية النسبة من حيث الضمان، و جواز الرجوع إلى كلّ واحدة فرع
ثبوت هذا الضمان، و إلّا لا دليل عليه. نعم، بعد أداء واحد منهم لا يبقى موضوع
للضمان؛ لفرض تحقّق التأدية التي هي الغاية للثبوت على العهدة. نعم، الأمر غير
المتصوّر هو اشتغال ذمم متعدّدة بمال واحد بنحو يكون كلّ منها ضامنا و لو مع أداء
الآخر، ضرورة أنّ المال الواحد لا يتدارك إلّا بمثل واحد أو قيمة واحدة.
كما
أنّه لا شبهة في أنّه عقد يحتاج إلى إيجاب من الضامن و قبول من المضمون له، أمّا
احتياجه إلى الإيجاب من الضامن فواضح، و أمّا احتياجه إلى قبول من المضمون له،
فلأنّه حيث يكون موجبا لانتقال الحقّ إلى غير من هو الطرف الأصلي للمضمون له؛ لأنّ
المفروض أنّه على مذهبنا عبارة عن انتقال مال من ذمّة
[1] المنصف لعبد الرزاق: 8/ 181 ح 14796 و ج 9/
49 ذح 16308، المسند لابن حنبل: 8/ 304 ذح 22357 و ح 22358، سنن ابن ماجة: 3/ 150
ح 25405، سنن أبي داود: 549 ذح 3565، سنن الترمذي: 3/ 565 ح 1268، معرفة السنن و
الآثار: 4/ 472 ح 3664، شرح السنة: 8/ 225 ح 2162.