المفسّر
بما تقدّم بعد عدم وجود الاشتراك اللفظي في مادّة الطرب، كما هو ظاهر.
و
الظاهر أنّ الغناء بالمعنى المذكور المعروف من مصاديق عنوان «الموسيقى» بالألف
المقصورة الذي هو كلمة يونانيّة أو سريانيّة أو فرنجيّة، و مركّب من كلمتين «موسى»
بمعنى النغمة «وقى» بمعنى الموزون المنتظم.
قال
ابن خلدون في مقدّمته في تعريف الغناء ما محكيّ لفظه: «هذه الصناعة هي تلحين
الأشعار الموزونة بتقطيع الأصوات على نسب منتظمة معروفة يوقّع على كلّ صوت منها
توقيعا (إيقاعا خ ل) عند قطعة فتكون نغمة. ثمّ تؤلّف تلك النّغم بعضها إلى بعض على
نسب متعارفة، فيلذّ سماعها لأجل ذلك التناسب، و ما يحدث عنه من الكيفيّة في تلك
الأصوات. و ذلك أنّه تبيّن في علم الموسيقى أنّ الأصوات تتناسب، فيكون صوت نصف
صوت، و ربع آخر، و خمس آخر، و جزء من أحد عشر من آخر، و اختلاف هذه النسب عند
تأديتها إلى السمع يخرجها من البساطة إلى التركيب، و ليس كلّ تركيب منها ملذوذا
عند السّماع، بل تراكيب خاصّة؛ و هي التي حصرها أهل علم الموسيقى و تكلّموا عليها،
كما هو مذكور في موضعه، و قد يساوق ذلك التّلحين في النغمات الغنائيّة بتقطيع
أصوات اخرى من الجمادات؛ إمّا بالقرع، أو بالنّفخ في الآلات تتّخذ لذلك فيزيدها
لذّة عند السماع، [1]
انتهى.
و
قال الشيخ الرئيس فيما حكي عنه في كتاب الشفاء في رسم الموسيقى ما لفظه:
الموسيقى
علم رياضي يبحث فيه عن أحوال النغم؛ من حيث تأتلف و تتنافر و أحوال الأزمنة
المتخلّلة بينها؛ ليعلم كيف يؤلّف اللحن، و قد دلّ حدّ الموسيقى على أنّه يشتمل
على بحثين: