أحدهما:
البحث عن أحوال النغم أنفسها، و هذا القسم يختصّ باسم التأليف.
و
الثاني: البحث عن أحوال الأزمنة المتخلّلة بينها، و هذا البحث يختصّ باسم علم
الإيقاع [1].
أقول:
هذا التعريف ينطبق على الغناء أيضا و إن لم يكن مذكورا في كلامه، كما أنّ تعريف
ابن خلدون ظاهر أو كالصريح في كون الغناء من الموسيقى، و أنّ الغناء إذا ساوق
الموسيقى الاصطلاحي- أي الأصوات الموزونة الخارجة عن الآلة الجماديّة- يكون أثره
زيادة الالتذاذ، و لا محالة لا بدّ من الالتزام بتحقّق حرمتين و مخالفة حكمين
موجبة لاستحقاق عقوبتين.
و
أمّا إشعار صدر التعريف الأوّل بأنّ الغناء هو تلحين الأشعار، فالظاهر أنّه لا
مدخليّة للشعريّة في ذلك، بل قوام الغنائيّة بانتظام الأصوات بالنحو المذكور، و
ذكر الأشعار لعلّه للغلبة، و حيث جرى في الكلام ذكر الشعر فلا بأس بالإشارة إلى
حكم فروضه، فإن كان متضمّنا للعقائد الحقّة فيما يتعلّق بالخالق، أو مشتملا على
مراثي أو مدائح الرسول و أهل بيته عليهم السّلام، فالظاهر أنّه مضافا إلى عدم
حرمته، يكون لشاعره عند اللّه ثواب و أجر.
و
إن كان مدلوله التعشّق بزوجته و بيان خصوصيّاتها، فالظاهر أيضا أنّه لا مانع منه،
و إن كان مفاده التعشّق بموجود معلوم غير زوجته الحليلة، فالحكم فيه عدم الجواز و
وجهه واضح.
كما
أنّه لو كان مفاده التعشّق بموجود و همي خياليّ، أو كان في مدح بعض من له سلطان،
فالظاهر أنّه مكروه، و لعلّه المراد من قوله- تعالى-:
وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ
[1] الشفاء، الفنّ الثالث من الرياضيات؛ و هو في
علم الموسيقى: 9.