الثالثة: ان الكافر إذا أسلم فإن بقيت استطاعته الحادثة حال الكفر الى ما
بعد الإسلام فلا إشكال في عدم سقوط وجوب الحج عنه و لزوم الإتيان به بعده و كذا
إذا حدثت له الاستطاعة بعد الإسلام ثانيا فإنه لا إشكال أيضا في وجوب الحج عليه
انما الكلام فيما إذا زالت استطاعته قبل الإسلام مع عدم حدوثها بعده في انه هل يجب
عليه الحج متسكعا كالمسلم الذي استقر عليه الحج أو انه لا يجب عليه الحج أصلا؟
الظاهر
هو الثاني لأنه مقتضى قاعدة «الجب» المعروفة التي هي أيضا من القواعد الفقهية و
منشأها الحديث المعروف الذي رواه العامة و الخاصة كما في مسند احمد و غيره و في
تفسير على بن إبراهيم و هو ان الإسلام يجب ما قبله و كذا سيرة النبي و الأئمة
المعصومين- عليه و عليهم أفضل صلوات المصلين- حيث لم يعهد و لم ينقل إلزامه أو
إلزامهم الكافر الذي أسلم بقضاء ما فات منه من الصلاة و الصيام فالحكم بعدم وجوب
القضاء على الكافر متسالم عليه و لا مجال للإشكال فيه أصلا.
نعم
ربما تجري المناقشة في الحج بالإضافة إلى قضاء الصلاة و الصيام نظرا الى ان الحج
غير موقت بوقت ليتصور فيه القضاء فهو نظير ما لو أسلم الكافر في أثناء الوقت في
الواجبات الموقتة فكما انه يجب عليه الأداء مع فرض بقاء الوقت و لا يكون مقتضى
قاعدة الجب سقوط الأداء في هذا الفرض كذلك يجب عليه الحج بعد الإسلام و لو مع زوال
الاستطاعة في حال الكفر و لا تجري فيه القاعدة المذكورة.
و
ان شئت قلت ان وجوب الحج متسكعا بعد زوال الاستطاعة تكليف يشترك فيه المسلم و
الكافر و لا يكون له وقت خاص بل يكون باقيا ما دام العمر فلا وجه لاقتضاء قاعدة
الجب سقوطه بل هو نظير ما عرفت من الإسلام في أثناء الوقت.
و
الجواب عن المناقشة انها جارية إذا كان الحكم بوجوب الحج متسكعا موافقا
للقاعدة ثابتا على المسلم و الكافر في صورة ترك الحج في عام الاستطاعة و استقراره