أنّه
لو سلّمنا بأنّ عنوان الدخول في الغير قيد تعبّدي احترازي وجب تقييد جميع الروايات
المطلّقة به.
وقد
ظهر من هذا كلّه أنّ مقتضى التحقيق هو أنّ هذا العنوان إنّما هو بمنزلة قيد توضيحي
من العناوين الموجبة لتحقّق المضيّ والخروج من الشيء.
وبعبارة
أخرى أنّه من علامات الخروج من الشيء ولاسيّما إذا فسرّنا الغير بالمعنى العام
كان الأمر أوضح. وعلى هذا فإنّ الدخول في الغير كما هو شرطٌ عقلي في قاعدة التجاوز
فكذلك هو شرط عقلي في قاعدة الفراغ، ومن البعيد عن الذوق الفقهي أن يعتبر هذا
الشرط في القاعدتين لكن نراه عنواناً تعبّدياً في إحداهما وعنواناً عقلياً في
الأخرى كما صرّح بذلك المحقق النائيني.
ومن
هذا ظهر عدم صحّة ما تمسّك بعض المحققيّن بموثقة ابن أبي يعفور عن الإمام الصادق
(ع):
(إذا شككت في شيءٍ من الوضوء وقد دخلت في غيره
فليس شكك بشيءٍ إنّما الشكّ إذا كنت في شيءٍ لم تجزه)
[1].
في
استفادة أنّ قيد الدخول في الغير قيد تعبّدي وأنّ الدخول في الغير معتبر في جريان
قاعدة الفراغ في باب الوضوء وغير معتبر في سائر الواجبات كالصلاة.
وقال:
(لا تقييد في باب الصلاة بالدخول في الغير فيقوى القول بكفاية الفراغ في الصلاة
دون الوضوء) [2] لأن عنوان الدخول في الغير بصفته
أمراً واقعياً وخارجياً له مدخلية في حقيقة المضيّ والفراغ والتجاوز وللغير معنى
عام يشمل السكوت الطويل أيضاً وبعبارة أخرى أنّ الغير هو كلّ أمر وجودي أو عدمي
ينافي الشيء المشكوك ويخالفه شرعاً.
[1]. محمد بن حسن الطوسي: تهذيب الأحكام 1: 105
حديث 262، محمد بن حسن الحرّ العاملي: وسائل الشيعة 1: 469 باب 42 من أبواب الوضوء
حديث 2.