بالإضافة
إلى ذلك يوجد إشكال آخر في التشبيهات التي ذكرها، لأنه لم يقل أي مفسر أو فقيه
بأنه يوجد إجمال من ناحية اللغة في قوله تعالى
أَقِيمُوا الصَّلاةَ أو في قوله تعالى وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ
سَبِيلًا.
بل
لتلك عنوان كليات وضوابط في مقام أصل تشريع وجوب الحج ووجوب الصلاة.
نعم
لقد قبل بعض الفقهاء إطلاق هذه الآية من حيث مدخلية أو عدم مدخلية بعض من القيود،
وبالتالي فإنه لا يوجد فيها إجمال كذلك من حيث هذه الجهات، وبعض آخر لم يقبل بذلك
بأنه يوجد إجمال من حيث هذه الجهة، ولكن هذا الإجمال ليس بمعنى الإجمال اللغوي.
فإن
قيل: إن الآية الكريمة وَاعْلَمُوا أَنَّما
غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ليست أصلًا في مقام تبيين
أنه في أي مورد يجب الخمس وفي أي مورد لا يجب، بل تدل على أنه يوجد خمس بشكل عام
في كل فائدة على نحو الإجمال، ولكن لا يعلم المراد من الفائدة ما هي.
فنقول: من المسلم أن الآية لا تريد أن تبيّن ذلك، لأنه خلاف لظاهر الآية،
إذ ظاهرها أنها في مقام بيان أنه يوجد خمس في كل ما يصدق عليه أنه فائدة.
كما
ذكرنا سابقاً، فإن الله عز وجل في هذه الآية الكريمة في مقام بيان ضابطة، وقد
فهمنا من كلمات (واعلموا)
وكذلك (أنما) وكذلك (من شيء) وجوب الخمس في كل فائدة
متحصَّلة، فكيف يمكن أن يكون المتكلم في مقام ضابطة كلية وفي نفس الوقت يكون في
بيانه إجمال؟
وبعبارة
أخرى: كونه في مقام بيان ضابطة يقتضي طرح الموضوع بشكل واضح.
وقد
رددنا قول من ادّعى أن المراد من قوله (من شيء) كلّ غنيمة تغنم في القتال لا كل فائدة، وقلنا بأن الآية ناظرة إلى
تشريع الخمس في جميع الموارد.