responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 197

فهذه أمهات الصناعات.

ثم إن الإنسان خلق بحيث لا يعيش وحده

،بل يضطر إلى الاجتماع مع غيره من جنسه و ذلك لسببين،أحدهما:حاجته إلى النسل لبقاء جنس الإنسان،و لا يكون ذلك إلا باجتماع الذكر و الأنثى و عشرتهما.و الثاني:التعاون على تهيئة أسباب المطعم و الملبس و لتربية الولد.فإن الاجتماع يفضي إلى الولد لا محالة.و الواحد لا يشتغل بحفظ الولد و تهيئة أسباب القوت.ثم ليس يكفيه اجتماع مع الأهل و الولد في المنزل،بل لا يمكنه أن يعيش كذلك ما لم تجتمع طائفة كثيرة،ليتكفل كل واحد بصناعة،فإن الشخص الواحد كيف يتولى الفلاحة وحده،و هو يحتاج إلى آلاتها،و تحتاج الآلة إلى حداد و نجار،و يحتاج الطعام إلى طحان و خباز.و كذلك كيف ينفرد بتحصيل الملبس،و هو يفتقر إلى حراسة القطن ،و آلات الحياكة و الخياطة و آلات كثيرة.فلذلك امتنع عيش الإنسان وحده،و حدثت الحاجة إلى الاجتماع.ثم لو اجتمعوا في صحراء مكشوفة،لتأذوا بالحر و البرد و المطر و اللصوص فافتقروا إلى أبنية محكمة،و منازل ينفرد كل أهل بيت به و بما معه من الآلات،و الأثاث،و المنازل تدفع الحر و البرد و المطر،و تدفع أذى الجيران من اللصوصية و غيرها.لكن المنازل قد تقصدها جماعة من اللصوص خارج المنازل،فافتقر أهل المنازل إلى التناصر و التعاون،و التحصن بسور يحيط بجميع المنازل.فحدثت البلاد لهذه الضرورة ثم مهما اجتمع الناس في المنازل و البلاد و تعاملوا،تولدت بينهم خصومات،إذ تحدث رياسة،و ولاية للزوج على الزوجة،و ولاية للأبوين على الولد لأنه ضعيف يحتاج إلى قوام به و مهما حصلت الولاية على عاقل أفضى إلى الخصومة،بخلاف الولاية على البهائم،إذ ليس لها قوة المخاصمة و إن ظلمت.فأما المرأة فتخاصم الزوج،و الولد يخاصم الأبوين ،هذا في المنزل و أما أهل البلد أيضا،فيتعاملون في الحاجات،و يتنازعون فيها،و لو تركوا كذلك لتقاتلوا و هلكوا.و كذلك الرعاة و أرباب الفلاحة ،يتواردون على المراعى،و الأراضى،و المياه، و هي لا تفي بأغراضهم،فيتنازعون لا محالة.ثم قد يعجز بعضهم عن الفلاحة و الصناعة، بعمي،أو مرض،أو هرم،و تعرض عوارض مختلفة،و لو ترك ضائعا لهلك،و لو وكل تفقده إلى الجميع لتخاذلوا.و لو خص واحد من غير سبب يخصه لكان لا يدعن له.فحدث بالضرورة من هذه العوارض الحاصلة بالاجتماع صناعات أخرى،فمنها صناعة المساحة،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست