responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 195

البهائم و الحيوانات وَ الْحَرْثِ [1]و هو النبات و الزرع فهذه هي أعيان الدنيا،إلا أن لها مع العبد علاقتين،علاقة مع القلب،و هو حبه لها و حظه منها،و انصراف همه إليها حتى يصير قلبه كالعبد ،أو المحب المستهتر بالدنيا و يدخل في هذه العلاقة جميع صفات القلب المعلقة بالدنيا،كالكبر،و الغل،و الحسد و الرياء،و السمعة و سوء الظن،و المداهنة،و حب الثناء،و حب التكاثر و التفاخر،و هذه هي الدنيا الباطنة و أما الظاهرة فهي الأعيان التي ذكرناها،العلاقة الثانية مع البدن،و هو اشتغاله بإصلاح هذه الأعيان،لتصلح لحظوظه و حظوظ غيره،و هي جملة الصناعات و الحرف التي الخلق مشغلون بها .و الخلق إنما نسوا أنفسهم،و مآبهم،و منقلبهم بالدنيا،لهاتين العلاقتين،علاقة القلب بالحب،و علاقة البدن بالشغل.و لو عرف نفسه،و عرف ربه،و عرف حكمة الدنيا و سرها،علم أن هذه الأعيان التي سميناها دنيا،لم تخلق إلا لعلف الدابة التي يسير بها إلى اللّه تعالى.و أعنى بالدابة البدن.فإنه لا يبقى إلا بمطعم،و مشرب،و ملبس،و مسكن.كما لا يبقى الجمل في طريق الحج إلا بعلف،و ماء،و جلال

و مثال العبد في الدنيا في نسيانه نفسه و مقصده

،مثال الحاج الذي يقف في منازل الطريق،و لا يزال يعلف الناقة،و يتعهدها،و ينظفها،و يكسوها ألوان الثياب،و يحمل إليها أنواع الحشيش،و يبرد لها الماء بالثلج،حتى تفوته القافلة،و هو غافل عن الحج و عن مرور القافلة،و عن بقائه في البادية فريسة للسباع هو و ناقته.و الحاج البصير لا يهمه من أمر الجمل إلا القدر الذي يقوى به على المشي،فيتعهده و قلبه إلى الكعبة و الحج.و إنما يلتفت إلى الناقة بقدر الضرورة.فكذلك البصير في السفر الآخرة،لا يشتغل بتعهد البدن إلا بالضرورة،كما لا يدخل بيت الماء إلا لضرورة.و لا فرق بين إدخال الطعام في البطن و بين إخراجه من البطن،في أن كل واحد منهما ضرورة البدن،و من همته ما يدخل بطنه فقيمته ما يخرج منها.و أكثر ما شغل الناس عن اللّه تعالى هو البطن.فإن القوت ضروري و أمر المسكن و الملبس أهون.و لو عرفوا سبب الحاجة إلى هذه الأمور،و اقتصروا عليه لم تستغرقهم أشغال الدنيا .و إنما استغرقتهم لجهلهم بالدنيا و حكمتها،و حظوظهم منها.و لكنهم


[1] آل عمران:14

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست