responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 86

فينبغي أن يزن ثواب هذه المخالطات بآفاتها التي ذكرناها،و عند ذلك قد ترجح العزلة و قد ترجح المخالطة،فقد حكى عن جماعة من السلف،مثل مالك و غيره،ترك إجابة الدعوات و عيادة المرضى،و حضور الجنائز.بل كانوا أحلاس بيوتهم،لا يخرجون إلا إلى الجمعة أو زيارة القبور.و بعضهم فارق الأمصار،و انحاز إلى قلل الجبال،تفرغا للعبادة،و فرارا من الشواغل

الفائدة السادسة
من المخالطة التواضع.

فإنه من أفضل المقامات،و لا يقدر عليه في الوحدة.و قد يكون الكبر سببا في اختيار العزلة.فقد روي في الإسرائيليات،أن حكيما من الحكماء صنف ثلاثمائة و ستين مصحفا في الحكمة، حتى ظن أنه قد نال عند اللّه منزلة.فأوحى اللّه إلى نبيه قل لفلان إنك قد ملأت الأرض نفاقا،و إنى لا أقبل من نفاقك شيئا.قال فتخلى و انفرد في سرب تحت الأرض،و قال الآن قد بلغت رضا ربي.فأوحى اللّه إلى نبيه،قل له إنك لن تبلغ رضاي حتى تخالط الناس و تصبر على أذاهم.فخرج فدخل الأسواق، و خالط الناس و جالسهم و واكلهم،و أكل الطعام بينهم،و مشى في الأسواق معهم.فأوحى اللّه تعالى إلى نبيه،الآن قد بلغ رضاي.فكم من معتزل في بيته و باعثه الكبر،و مانعه عن المحافل أن لا يوقر أو لا يقدم،أو يرى الترفع عن مخالطتهم أرفع لمحله،و أبقى لطراوة ذكره بين الناس و قد يعتزل خيفة من أن تظهر مقابحه لو خالط،فلا تعتقد فيه الزهد و الاشتغال بالعبادة فيتخذ البيت سترا على مقابحه،إبقاء على اعتقاد الناس في زهده و تعبده،من غير استغراق وقت في الخلوة بذكر أو فكر.و علامة هؤلاء أنهم يحبون أن يزاروا و لا يحبون أن يزوروا و يفرحون بتقرب العوام و السلاطين إليهم،و اجتماعهم على بابهم و طرقهم،و تقبيلهم أيديهم على سبيل التبرك.و لو كان الاشتغال بنفسه هو الذي يبغض إليه المخالطة و زيارة الناس،لبغض إليه زياراتهم له،كما حكيناه عن الفضيل حيث قال:و هل جئتني إلا لأتزين لك و تتزين لي و عن حاتم الأصم أنه قال للأمير الذي زاره:حاجتي أن لا أراك و لا تراني.فمن ليس مشغولا مع نفسه بذكر اللّه،فاعتزاله عن الناس سببه شدة اشتغاله بالناس،لأن قلبه متجرد للالتفات إلى نظرهم إليه بعين الوقار و الاحترام

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست