responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 80

فمثال النفس مثال مريض يحتاج إلى طبيب متلطف يعالجه.فالمريض الجاهل إذا خلا بنفسه عن الطبيب قبل أن يتعلم الطب،تضاعف لا محالة مرضه.فلا تليق العزلة إلا بالعالم و أما التعليم ففيه ثواب عظيم،مهما صحت نية المعلم و المتعلم.و مهما كان القصد إقامة الجاه و الاستكثار بالأصحاب و الأتباع،فهو هلاك الدين.و قد ذكرنا وجه ذلك في كتاب العلم و حكم العالم في هذا الزمان أن يعتزل إن أراد سلامة دينه فإنه لا يرى مستفيدا يطلب فائدة لدينه،بل لا طالب إلا لكلام مزخرف،يستميل به العوام في معرض الوعظ أو لجدل معقد يتوصل به إلى إفحام الأقران،و يتقرب به إلى السلطان،و يستعمل في معرض المنافسة و المباهاة.و أقرب علم مرغوب فيه المذهب،و لا يطلب غالبا إلا للتوصل إلى التقدم على الأمثال،و تولى الولايات،و اجتلاب الأموال.فهؤلاء كلهم يقتضي الدين و الحزم الاعتزال عنهم.فإن صودف طالب للّٰه،و متقرب بالعلم إلى اللّه،فأكبر الكبائر الاعتزال عنه،و كتمان العلم منه. و هذا لا يصادف في بلدة كبيرة أكثر من واحد أو اثنين إن صودف و لا ينبغي أن يغتر الإنسان بقول سفيان:تعلمنا العلم لغير اللّه فأبى العلم أن يكون إلا للّٰه فإن الفقهاء يتعلمون لغير اللّه،ثم يرجعون إلى اللّه،و انظر إلى أواخر أعمار الأكثرين منهم و اعتبرهم أنهم ماتوا و هم هلكى على طلب الدنيا،و متكالبون عليها،أو راغبون عنها و زاهدون فيها،و ليس الخبر كالمعاينة و اعلم أن العلم الذي أشار إليه سفيان،هو علم الحديث و تفسير القرءان،و معرفة سير الأنبياء و الصحابة.فإن فيها التخويف و التحذير،و هو سبب لإثارة الخوف من اللّه،فإن لم يؤثر في الحال أثر في المآل.و أما الكلام و الفقه المجرد،الذي يتعلق بفتاوى المعاملات و فصل الخصومات المذهب منه و الخلاف،لا يرد الراغب فيه للدنيا إلى اللّه.بل لا يزال متماديا في حرصه إلى آخر عمره.و لعل ما أودعناه هذا الكتاب،إن تعلمه المتعلم رغبة في الدنيا،فيجوز أن يرخص فيه،إذ يرجى أن ينزجر به في آخر عمره،فإنه مشحون بالتخويف باللّه،و الترغيب في الآخرة،و التحذير من الدنيا.و ذلك مما يصادف في الأحاديث و تفسير القرءان،و لا يصادف في كلام،و لا في خلاف،و لا في مذهب. فلا ينبغي أن يخادع الإنسان نفسه،فإن المقصر العالم بتقصيره أسعد حالا من الجاهل المغرور،أو المتجاهل المغبون.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست