responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 77

الفائدة الخامسة
أن ينقطع طمع الناس عنك

،و ينقطع طمعك عن الناس.فأما انقطاع طمع الناس عنك ففيه فوائد.فإنّ رضا الناس غاية لا تدرك.فاشتغال المرء بإصلاح نفسه أولى. و من أهون الحقوق و أيسرها حضور الجنازة،و عيادة المريض،و حضور الولائم و الإملاكات و فيها تضييع الأوقات،و تعرض للآفات.ثم قد تعوق عن بعضها العوائق،و تستقبل فيها المعاذير،و لا يمكن إظهار كل الأعذار،فيقولون له قمت بحق فلان،و قصرت في حقنا.و يصير ذلك سبب عداوة،فقد قيل:من لم يعد مريضا في وقت العيادة،اشتهى موته خيفة من تخجيله إذا صح على تقصيره.و من عمم الناس كلهم بالحرمان رضوا عنه كلهم و لو خصص استوحشوا. و تعميمهم بجميع الحقوق لا يقدر عليه المتجرد له طول الليل و النهار،فكيف من له مهم يشغله في دين أو دنيا!قال عمرو بن العاص:كثرة الأصدقاء كثرة الغرماء.و قال ابن الرومي
عدوك من صديقك مستفاد فلا تستكثرون من الصحاب
فإنّ الداء أكثر ما تراه يكون من الطعام أو الشراب
و قال الشافعي رحمه اللّه:أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام و أما انقطاع طمعك عنهم فهو أيضا فائدة جزيلة،فإن من نظر إلى زهرة الدنيا و زينتها تحرك حرصه،و انبعث بقوّة الحرص طمعه،و لا يرى إلا الخيبة في أكثر الأحوال فيتأذى بذلك.و مهما اعتزل لم يشاهد.و إذا لم يشاهد لم يشته و لم يطمع.و لذلك قال اللّه تعالى وَ لاٰ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلىٰ مٰا مَتَّعْنٰا بِهِ أَزْوٰاجاً مِنْهُمْ [1]و قال صلّى اللّه عليه و سلم[1]«انظروا إلى من هو دونكم و لا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنّه أجدر أن لا تزدروا نعمة اللّه عليكم» و قال عون بن عبد اللّه:كنت أجالس الأغنياء،فلم أزل مغموما.كنت أرى ثوبا أحسن من ثوبي،و دابة أفره من دابتي،فجالست الفقراء فاسترحت.و حكي أن المزني رحمه اللّه


[1] طه:131

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست