responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 76

كتب صاحب لنا:أما بعد،فإن الناس كانوا دواء يتداوى به،فصاروا داء لا دواء له،ففرّ منهم فرارك من الأسد.و كان بعض الأعراب يلازم شجرا و يقول:هو نديم فيه ثلاث خصال إن سمع منى لم ينم عليّ،و إن تفلت في وجهه احتمل منى،و إن عربدت عليه لم يغضب.فسمع الرشيد ذلك فقال:زهدني في الندماء.و كان بعضهم قد لزم الدفاتر و المقابر،فقيل له في ذلك فقال:لم أر أسلم من وحدة،و لا أوعظ من قبر،و لا جليسا أمتع من دفتر.و قال الحسن رضي اللّه عنه:أردت الحج،فسمع ثابت البناني بذلك،و كان أيضا من أولياء اللّه فقال:بلغني أنك تريد الحج فأحببت أن أصحبك.فقال له الحسن:ويحك،دعنا نتعاشر بستر اللّه علينا إنى أخاف أن نصطحب فيرى بعضنا من بعض ما نتماقت عليه.و هذه إشارة إلى فائدة أخرى في العزلة،و هو بقاء الستر على الدين،و المروءة و الأخلاق،و الفقر و سائر العورات.و قد مدح اللّه سبحانه المتسترين فقال يَحْسَبُهُمُ الْجٰاهِلُ أَغْنِيٰاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ [1]و قال الشاعر
و لا عار إن زالت عن الحر نعمة و لكن عارا أن يزول التجمل
و لا يخلو الإنسان في دينه و دنياه،و أخلاقه و أفعاله عن عورات، الأولى في الدين و الدنيا سترها،و لا تبقى السلامة مع انكشافها.و قال أبو الدرداء:كان الناس ورقا لا شوك فيه،فالناس اليوم شوك لا ورق فيه.و إذا كان هذا حكم زمانه،و هو في أواخر القرن الأول فلا ينبغي أن يشك في أن الأخير شر.و قال سفيان بن عيينة:قال لي سفيان الثوري في اليقظة في حياته،و في المنام بعد وفاته:أقلل من معرفة الناس،فإن التخلص منهم شديد.و لا أحسب أنى رأيت ما أكره إلا ممن عرفت. و قال بعضهم:جئت إلى مالك بن دينار و هو قاعد وحده،و إذا كلب قد وضع حنكه على ركبته،فذهبت أطرده،فقال دعه يا هذا،هذا لا يضر و لا يؤذى،و هو خير من الجليس السوء. و قيل لبعضهم:ما حملك على أن تعتزل الناس؟ قال:خشيت أن أسلب ديني و لا أشعر.و هذه إشارة إلى مسارقة الطبع من أخلاق القرين السوء و قال أبو الدرداء:اتقوا اللّه و احذروا الناس،فإنهم ما ركبوا ظهر بعير إلا أدبروه،و لا ظهر جواد إلا عقروه،و لا قلب مؤمن إلا خربوه.و قال بعضهم:أقلل المعارف،فإنه أسلم لدينك و قلبك،و أخف لسقوط الحقوق عنك.لأنه كلما كثرت المعارف كثرت الحقوق و عسر القيام بالجميع.و قال بعضهم:أنكر من تعرف،و لا تتعرف إلى من لا تعرف


[1] البقرة:273

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست