responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 148

في الصبي في مهده،فإنه يسكته الصوت الطيب عن بكائه، و تنصرف نفسه عما يبكيه إلى الإصغاء إليه،و الجمل مع بلادة طبعه يتأثر بالحداء تأثرا يستخف معه الأحمال الثقيلة،و يستقصر لقوة نشاطه في سماعه المسافات الطويلة،و ينبعث فيه من النشاط ما يسكره و يولهه،فتراها إذا طالت عليها البوادي،و اعتراها الأعياء و الكلال،تحت المحامل و الأحمال،إذا سمعت منادى الحداء تمد أعناقها،و تصغي إلى الحادي،ناصبة آذانها،و تسرع في سيرها حتى تتزعزع عليها أحمالها و محاملها،و ربما تتلف أنفسها من شدة السير،و ثقل الحمل،و هي لا تشعر به لنشاطها، فقد حكى أبو بكر محمد بن داود الدينوري المعروف بالرقى رضي اللّه عنه،قال:كنت بالبادية فوافيت قبيلة من قبائل العرب،فأضافنى رجل منهم و أدخلنى خباءه،فرأيت في الخباء عبدا أسود مقيدا بقيد،و رأيت جمالا قد ماتت بين يدي البيت و قد بقي منها جمل و هو ناحل ذابل،كأنه ينزع روحه،فقال لي الغلام أنت ضيف و لك حق فتشفع في إلى مولاي،فإنه مكرم لضيفه فلا يرد شفاعتك في هذا القدر،فعساه يحل القيد عنى، قال فلما أحضروا الطعام امتنعت،و قلت لا آكل ما لم أشفع في هذا العبد فقال إن هذا العبد قد أفقرنى و أهلك جميع مالي،فقلت ما ذا فعل؟فقال:إن له صوتا طيبا و إنى كنت أعيش من ظهور هذه الجمال فحملها أحمالا ثقالا،و كان يحدو بها حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في ليلة واحدة،من طيب نغمته،فلما حطت أحمالها ماتت كلها إلا هذا الجمل الواحد،و لكن أنت ضيفي فلكرامتك قد وهبته لك،قال فأحببت أن أسمع صوته فلما أصبحنا أمره أن يحدو على جمل يستقى الماء من بئر هناك،فلما رفع صوته هام ذلك الجمل و قطع حباله،و وقعت أنا على وجهي،فما أظن أنى سمعت قط صوتا أطيب منه فإذا تأثير السماع في القلب محسوس و من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال بعيد عن الروحانية،زائد في غلظ الطبع،و كثافته على الجمال و الطيور بل على جميع البهائم فإن جميعها تتأثر بالنغمات الموزونة،و لذلك كانت الطيور تقف على رأس داود عليه السلام لاستماع صوته،و مهما كان النظر في السماع باعتبار تأثيره في القلب لم يجز أن يحكم فيه مطلقا بإباحة و لا تحريم،بل يختلف ذلك بالأحوال و الأشخاص،و اختلاف طرق النغمات

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست