responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 106

لم يعطه شيئا فأخذه على ذلك حرام،و كذلك الصوفي، و لهذا احترز المحتاطون عن الأكل بالدين،فإن المبالغ في الاحتياط لدينه لا ينفك في باطنه عن عورات لو انكشفت المراغب في مواساته لفترت رغبته عن المواساة،فلا جرم كانوا لا يشترون شيئا بأنفسهم مخافة أن يسامحوا لأجل دينهم،فيكونوا قد أكلوا بالدين،و كانوا يوكلون من يشترى لهم و يشترطون على الوكيل أن لا يظهر أنه لمن يشترى،نعم:إنما يحل أخذ ما يعطى لأجل الدين إذا كان الآخذ بحيث لو علم المعطى من باطنه ما يعلمه اللّه تعالى لم يقتض ذلك فتورا في رأيه فيه،و العاقل المنصف يعلم من نفسه أن ذلك ممتنع أو عزيز،و المغرور الجاهل بنفسه أحرى بأن يكون جاهلا بأمر دينه فإن أقرب الأشياء إلى قالبه قلبه،فإذا التبس عليه أمر قلبه فكيف ينكشف له غيره،و من عرف هذه الحقيقة لزمه لا محالة أن لا يأكل إلا من كسبه ليأمن من هذه الغائلة،أو لا يأكل إلا من مال من يعلم قطعا أنه لو انكشف له عورات باطنه لم يمنعه ذلك عن مواساته،فإن اضطر طالب الحلال و مريد طريق الآخرة إلى أخذ مال غيره،فليصرح له و ليقل إنك إن كنت تعطيني لما تعتقده في من الدين فلست مستحقا لذلك،و لو كشف اللّه تعالى سترى لم ترني بعين التوقير، بل اعتقدت أنى شر الخلق أو من شرارهم،فإن أعطاه مع ذلك فليأخذ فإنه ربما يرضى منه هذه الخصلة و هو اعترافه على نفسه بركاكة الدين،و عدم استحقاقه لما يأخذه، و لكن هاهنا مكيدة للنفس بينة،و مخادعة فليتفطن لها،و هو أنه قد يقول ذلك مظهرا أنه متشبه بالصالحين في ذمهم نفوسهم و استحقارهم لها،و نظرهم إليها بعين المقت و الازدراء، فتكون صورة الكلام صورة القدح و الازدراء،و باطنه و روحه هو عين المدح و الإطراء،فكم من ذام نفسه و هو لها مادح بعين ذمه،فذم النفس في الخلوة مع النفس هو المحمود،و أما الذم في الملإ فهو عين الرياء،إلا إذا أورده إيرادا يحصل للمستمع يقينا بأنه مقترف للذنوب،و معترف بها،و ذلك مما يمكن تفهيمه بقرائن الأحوال،و يمكن تلبيسه بقرائن الأحوال،و الصادق بينه و بين اللّه تعالى يعلم أن مخادعته للّٰه عز و جل،أو مخادعته لنفسه محال،فلا يتعذر عليه الاحتراز عن أمثال ذلك،فهذا هو القول في أقسام السفر،و نية المسافر،و فضيلته

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست