responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 94

ثم الخروج،ثم المسير في البادية ،ثم الإحرام من الميقات بالتلبية،ثم دخول مكة ثم استتمام الأفعال كما سبق.و في كل واحد من هذه الأمور تذكرة للمتذكر،و عبرة للمعتبر، و تنبيه للمريد الصادق،و تعريف و إشارة للفطن.فلنرمز إلى مفاتحها حتى إذا انفتح بابها و عرفت أسبابها انكشف لكل حاج من أسرارها ما يقتضيه صفاء قلبه و طهارة باطنه و غزارة فهمه

أما الفهم :

فاعلم أنه لا وصول إلى اللّٰه سبحانه و تعالى إلا بالتنزه عن الشهوات،و الكف عن اللذات،و الاقتصار على الضرورات فيها،و التجرد للّٰه سبحانه في جميع الحركات و السكنات،و لأجل هذا انفرد الرهبانيون في الملل السالفة عن الخلق،و انحازوا إلى قلل الجبال،و آثروا التوحش عن الخلق،لطلب الأنس باللّٰه عز و جل،فتركوا للّٰه عز و جل اللذات الحاضرة،و ألزموا أنفسهم بالمجاهدات الشاقة طمعا في الآخرة،و أثنى اللّٰه عز و جل عليهم في كتابه فقال (ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْبٰاناً وَ أَنَّهُمْ لاٰ يَسْتَكْبِرُونَ [1]) فاما اندرس ذلك و أقبل الخلق على اتباع الشهوات،و هجروا التجرد لعبادة اللّٰه عز و جل، و فتروا عنه،بعث اللّٰه عز و جل نبيه محمدا صلّى اللّٰه عليه و سلم لاحياء طريق الآخرة و تجديد سنة المرسلين في سلوكها[1]فسأله أهل الملل عن الرهبانية و السياحة في دينه فقال صلّى اللّٰه عليه و سلم«أبدلنا اللّٰه بها الجهاد و التّكبير على كلّ شرف »يعنى الحج.«و سئل صلّى اللّٰه عليه و سلّم[2]عن السّائحين فقال هم الصّائمون »فأنعم اللّٰه عز و جل على هذه الأمة بأن جعل الحج رهبانية لهم.فشرف البيت العتيق بالإضافة إلى نفسه تعالى،و نصبه مقصدا لعباده،و جعل ما حواليه حرما لبيته تفخيما لأمره،و جعل عرفات كالميزاب على فناء حوضه،


[1] المائدة:82

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست