responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 93

إِنّٰا أَرْسَلْنٰا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ تَنْزِعُ النّٰاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجٰازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [1] ثم انظر إلى لطف الهواء،ثم شدته و قوّته مهما ضغط في الماء،فالزّق المنفوخ يتحامل عليه الرجل القوي ليغمسه في الماء فيعجز عنه،و الحديد الصلب تضعه على وجه الماء فيرسب فيه.فانظر كيف ينقبض الهواء من الماء بقوّته مع لطافته.و بهذه الحكمة أمسك اللّه تعالى السفن على وجه الماء،و كذلك كل مجوف فيه هواء لا يغوص في الماء لأن الهواء ينقبض عن الغوص في الماء فلا ينفصل عن السطح الداخل من السفينة، فتبقى السفينة الثقيلة مع قوتها و صلابتها معلقة في الهواء اللطيف،كالذي يقع في بئر فيتعلق بذيل رجل قوي ممتنع عن الهوي في البئر.فالسفينة بمقعرها تتشبث بأذيال الهواء القوي حتى تمتنع من الهويّ و الغوص في الماء.فسبحان من علق المركب الثقيل في الهواء اللطيف من غير علاقة تشاهد،و عقدة تشد ثم انظر إلى عجائب الجو و ما يظهر فيه من الغيوم،و الرعود و البروق،و الأمطار، و الثلوج،و الشهب،و الصواعق،فهي عجائب ما بين السماء و الأرض،و قد أشار القرءان إلى جملة ذلك في قوله تعالى وَ مٰا خَلَقْنَا السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا لاٰعِبِينَ [2]و هذا هو الذي بينهما ،و أشار إلى تفصيله في مواضع شتى حيث قال تعالى: وَ السَّحٰابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمٰاءِ وَ الْأَرْضِ [3]و حيث تعرض للرعد،و البرق،و السحاب،و المطر، فإذا لم يكن لك حظ من هذه الجملة إلا أن ترى المطر بعينك،و تسمع الرعد بأذنك، فالبهيمة تشاركك في هذه المعرفة.فارتفع من حضيض عالم البهائم إلى عالم الملإ الأعلى، فقد فتحت عينيك فأدركت ظاهرها،فغمض عينك الظاهرة و انظر ببصيرتك الباطنة لترى عجائب باطنها و غرائب أسرارها و هذا أيضا باب يطول الفكر فيه،إذ لا مطمع في استقصائه،فتأمل السحاب الكثيف المظلم كيف تراه يجتمع في جو صاف لا كدورة فيه،و كيف يخلقه اللّه تعالى إذا شاء و متى شاء،و هو مع رخاوته حامل للماء الثقيل،و ممسك له في جو السماء،إلى أن يأذن اللّه في إرسال الماء،و تقطيع القطرات كل قطرة بالقدر الذي أراده اللّه تعالى،


[1] القمر:19،20

[2] الدخان:38

[3] البقرة:164

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست