responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 92

و تقول النطفة لأرباب السمع و القلب،لا للذين هم عن السمع معزولون،توهمنى في ظلمة الأحشاء مغموسة في دم الحيض،في الوقت الذي يظهر التخطيط و التصوير على وجهي فينقش النقاش حدقتى،و أجفانى و جبهتي،و شفتى،فترى التقويس يظهر شيئا فشيئا على التدريج،و لا ترى داخل النطفة نقاشا و لا خارجها،و لا داخل الرحم و لا خارجه،و لا خبر منها للأم،و لا للأب،و لا للنطفة،و لا للرحم،أ فما هذا النقّاش بأعجب مما تشاهده ينقش بالقلم صورة عجيبة،لو نظرت إليها مرة أو مرتين لعلمته؟فهل تقدر على أن تتعلم هذا الجنس من النقش و التصوير الذي يعم ظاهر النطفة،و باطنها، و جميع أجزائها،من غير ملامسة للنطفة،و من غير اتصال بها لا من داخل و لا من خارج؟ فإن كنت لا تتعجب من هذه العجائب،و لا تفهم بها أن الذي صور و نقش و قدر لا نظير له،و لا يساويه نقاش و لا مصور،كما أن نقشه و صنعه لا يساويه نقش و صنع، فبين الفاعلين من المباينة و التباعد ما بين الفعلين،فإن كنت لا تتعجب من هذا فتعجب من عدم تعجبك ،فإنه أعجب من كل عجب،فإن الذي أعمى بصيرتك مع هذا الوضوح، و منعك من التبيين مع هذا البيان،جدير بأن تتعجب منه:فسبحان من هدى و أضل، و أغوى و أرشد،و أشقى و أسعد،و فتح بصائر أحبابه فشاهدوه في جميع ذرات العالم و أجزائه،و أعمى قلوب أعدائه و احتجب عنهم بعزه و علائه،فله الخلق و الأمر، و الامتنان و الفضل،و اللطف و القهر،لا رادّ لحكمه،و لا معقب لقضائه

[التفكر في الهواء و السحاب]

و من آياته الهواء اللطيف المحبوس بين مقعر السماء و محدب الأرض،لا يدرك بحس اللمس عند هبوب الرياح جسمه،و لا يرى بالعين شخصه:و جملته مثل البحر الواحد، و الطيور محلقة في جو السماء و مستبقة،سباحة فيه بأجنحتها كما تسبح حيوانات البحر في الماء،و تضطرب جوانبه و أمواجه عند هبوب الرياح كما تضطرب أمواج البحر.

فإذا حرك اللّه الهواء و جعله ريحا هابّة،فإن شاء جعله بشرا بين يدي رحمته.كما قال سبحانه وَ أَرْسَلْنَا الرِّيٰاحَ لَوٰاقِحَ [1]فيصل بحركته روح الهواء إلى الحيوانات و النباتات،فتستعد للنماء و إن شاء جعله عذابا على العصاة من خليقته،كما قال تعالى


[1] الحجر:22

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست