responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 94

و على الشكل الذي شاءه،فترى السحاب يرش الماء على الأرض،و يرسله قطرات متفاصلة لا تدرك قطرة منها قطرة،و لا تتصل واحدة بأخرى،بل تنزل كل واحدة في الطريق الذي رسم لها لا تعدل عنه،فلا يتقدم المتأخر،و لا يتأخر المتقدم،حتى يصيب الأرض قطرة قطرة. فلو اجتمع الأولون و الآخرون على أن يخلقوا منها قطرة،أو يعرفوا عدد ما ينزل منها في بلدة واحدة،أو قرية واحدة،لعجز حساب الجن و الإنس عن ذلك.فلا يعلم عددها إلا الذي أوجدها.ثم كل قطرة منها عينت لكل جزء من الأرض،و لكل حيوان فيها من طير،و وحش،و جميع الحشرات،و الدواب،مكتوب على تلك القطرة بخط إلهى لا يدرك بالبصر الظاهر أنها رزق الدودة الفلانية،التي في ناحية الجبل الفلانى، تصل إليها عند عطشها في الوقت الفلانى هذا مع ما في انعقاد البرد الصلب من الماء اللطيف و في تناثر الثلوج كالقطن المندوف من العجائب التي لا تحصى كل ذلك فضل من الجبار القادر،و قهر من الخلاق القاهر،ما لأحد من الخلق فيه شرك و لا مدخل،بل ليس للمؤمنين من خلقه إلا الاستكانة و الخضوع تحت جلاله و عظمته،و لا للعميان الجاحدين إلا الجهل بكيفيته،و رجم الظنون بذكر سببه و علته.

فيقول الجاهل المغرور:إنما ينزل الماء لأنه ثقيل بطبعه،و إنما هذا سبب نزوله.و بظن أن هذه معرفة انكشفت له،و يفرح بها. و لو قيل له ما معنى الطبع؟و ما الذي خلقه؟و من الذي خلق الماء الذي طبعه الثقل؟و ما الذي رقى الماء المصبوب في أسافل الشجر إلى أعالى الأغصان و هو ثقيل بطبعه؟فكيف هوى إلى أسفل ثم ارتفع إلى فوق في داخل تجاويف الأشجار شيئا فشيئا،بحيث لا يرى و لا يشاهد حتى ينتشر في جميع أطراف الأوراق، فيغذى كل جزء من كل ورقة،و يجرى إليها في تجاويف عروق شعرية صغار، يروى منه العرق الذي هو أصل الورقة،ثم ينتشر من ذلك العرق الكبير الممدود في طول الورقة عروق صغار،فكأن الكبير نهر،و ما انشعب عنه جداول،ثم ينشعب من الجداول سواق أصغر منها،ثم ينتشر منها خيوط عنكبوتية دقيقة تخرج عن إدراك البصر حتى تنبسط في جميع عرض الورقة،فيصل الماء في أجوافها إلى سائر أجزاء الورقة ليغذيها و ينميها،و يزينها،و تبقى طراوتها و نضارتها، و كذلك إلى سائر أجزاء الفواكه.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست