responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 91

في مجلدات،و جمعها أقوام عنوا بركوب البحر و جمع عجائبه ثم انظر كيف خلق اللّه اللؤلؤ و دوره في صدفه تحت الماء ،و انظر كيف أنبت المرجان من صم الصخور تحت الماء،و إنما هو نبات على هيئة شجر ينبت من الحجر ثم تأمل ما عداه من العنبر و أصناف النفائس التي يقذفها البحر و تستخرج منه ثم أنظر إلى عجائب السفن كيف أمسكها اللّه تعالى على وجه الماء،و سير فيها التجار و طلاب الأموال و غيرهم،و سخر لهم الفلك لتحمل أثقالهم،ثم أرسل الرياح لتسوق السفن ،ثم عرف الملاحين موارد الرياح،و مهابها و مواقيتها و لا يستقصى على الجملة عجائب صنع اللّه في البحر في مجلدات.و أعجب من ذلك كله ما هو أظهر من كل ظاهر،و هو كيفية قطرة الماء،و هو جسم رقيق،لطيف،سيال مشف،متصل الأجزاء كأنه شيء واحد،لطيف التركيب،سريع القبول للتقطيع كأنه منفصل،مسخر للتصرف،قابل للانفصال و الاتصال،به حياة كل ما على وجه الأرض من حيوان و نبات،فلو احتاج العبد إلى شربة ماء و منع منها لبذل جميع خزائن الأرض و ملك الدنيا في تحصيلها لو ملك ذلك.ثم لو شربها و منع من إخراجها لبذل جميع خزائن الأرض و ملك الدنيا في إخراجها.فالعجب من الآدمي كيف يستعظم الدينار و الدرهم و نفائس الجواهر،و يغفل عن نعمة اللّه في شربة ماء إذا احتاج إلى شربها أو الاستفراغ عنها بذل جميع الدنيا فيها.فتأمل في عجائب المياه و الأنهار،و الآبار و البحار،ففيها متسع للفكر و مجال:و كل ذلك شواهد متظاهرة،و آيات متناصرة،ناطقة بلسان حالها،مفصحة عن جلال بارئها،معربة عن كمال حكمته فيها،منادية أرباب القلوب بنغماتها ،قائلة لكل ذي لب أما تراني و ترى صورتى،و تركيبي،و صفاتى،و منافعي، و اختلاف حالاتى،و كثرة فوائدى؟أ تظن أني كوّنت نفسي!أو خلقني أحد من جنسى؟ أو ما تستحيي أن تنظر في كلمة مرقومة من ثلاثة أحرف،فتقطع بأنها من صنعة آدمي عالم،قادر،مريد،متكلم،ثم تنظر إلى عجائب الخطوط الإلهية المرقومة على صفحات وجهى،بالقلم الإلهي الذي لا تدرك الأبصار ذاته و لا حركته و لا اتصاله بمحل الخط،ثم ينفك قلبك عن جلالة صانعه؟

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست