responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 82

الإنسان خمسمائة عضلة و تسعا و عشرين عضلة،و العضلة مركبة من لحم،و عصب،و رباط و أغشية، و هي مختلفة المقادير و الأشكال بحسب اختلاف مواضعها و قدر حاجاتها،فأربع و عشرون عضلة منها هي لتحريك حدقة العين و أجفانها،لو نقصت واحدة من جملتها اختل أمر العين .و هكذا لكل عضو عضلات بعدد مخصوص و قدر مخصوص و أمر الأعصاب،و العروق،و الأوردة،و الشرايين،و عددها،و منابتها،و انشعاباتها أعجب من هذا كله،و شرحه يطول ،فللفكر مجال في آحاد هذه الأجزاء،ثم في آحاد هذه الأعضاء،ثم في جملة البدن فكل ذلك نظر إلى عجائب أجسام البدن.و عجائب المعاني و الصفات التي لا تدرك بالحواس أعظم.فانظر الآن إلى ظاهر الإنسان و باطنه،و إلى بدنه و صفاته،فترى به من العجائب و الصنعة ما يقضى به العجب:و كل ذلك صنع اللّه في قطرة ماء قذرة:فترى من هذا صنعه في قطرة ماء،فما صنعه في ملكوت السموات و كواكبها؟و ما حكمته في أوضاعها،و أشكالها،و مقاديرها،و أعدادها،و اجتماع بعضها و تفرق بعضها و اختلاف صورها،و تفاوت مشارقها و مغاربها؟فلا تظنن أن ذرّة من ملكوت السموات تنفك عن حكمة و حكم،بل هي أحكم خلقا،و أتقن صنعا،و أجمع للعجائب من بدن الإنسان.بل لا نسبة لجميع ما في الأرض إلى عجائب السموات و لذلك قال تعالى: أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمٰاءُ بَنٰاهٰا رَفَعَ سَمْكَهٰا فَسَوّٰاهٰا وَ أَغْطَشَ لَيْلَهٰا وَ أَخْرَجَ ضُحٰاهٰا [1]فارجع الآن إلى النطفة و تأمل حالها أولا،و ما صارت إليه ثانيا،و تأمل أنه لو اجتمع الجن و الإنس على أن يخلقوا للنطفة سمعا،أو بصرا،أو عقلا،أو قدرة،أو علما،أو روحا أو يخلقوا فيها عظما،أو عرقا،أو عصبا،أو جلدا،أو شعرا،هل يقدرون على ذلك؟ بل لو أرادوا أن يعرفوا كنه حقيقته،و كيفية خلقته بعد أن خلق اللّه تعالى ذلك لعجزوا عنه فالعجب منك لو نظرت إلى صورة إنسان مصوّر على حائط تأنق النقاش في تصويرها حتى قرب ذلك من صورة الإنسان،و قال الناظر إليها:كأنه إنسان،عظم تعجبك


[1] النازعات:27،28،29

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست