responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 83

من صنعة النقاش و حذقه،و خفة يده،و تمام فطنته،و عظم في قلبك محله،مع أنك تعلم أن تلك الصورة إنما تمت بالصبغ،و القلم،و اليد،و بالحائط،و بالقدرة،و بالعلم،و بالإرادة، و شيء من ذلك ليس من فعل النقاش و لا خلقه،بل هو من خلق غيره،و إنما منتهى فعله الجمع بين الصبغ و الحائط على ترتيب مخصوص،فيكثر تعجبك منه و تستعظمه،و أنت ترى النطفة القذرة كانت معدومة،فخلقها خالقها في الأصلاب و الترائب .ثم أخرجها منها و شكّلها فأحسن تشكيلها،و قدّرها فأحسن تقديرها و تصويرها،و قسّم أجزاءها المتشابهة إلى أجزاء مختلفة،فأحكم العظام في أرجائها،و حسّن أشكال أعضائها،و زيّن ظاهرها و باطنها،و رتب عروقها و أعصابها،و جعلها مجرى لغذائها ليكون ذلك سبب بقائها،و جعلها سميعة،بصيرة،عالمة،ناطقة،و خلق لها الظهر أساسا لبدنها،و البطن حاويا لآلات غذائها،و الرأس جامعا لحواسها ففتح العينين و رتب طبقاتها،و أحسن شكلها و لونها و هيئاتها،ثم حماها بالأجفان لتسترها،و تحفظها،و تصقلها،و تدفع الأقذاء عنها،ثم أظهر في مقدار عدسة منها صورة السموات مع اتساع أكنافها و تباعد أقطارها،فهو ينظر إليها ثم شق أذنيه و أودعهما ماء مرّا ليحفظ سمعها،و يدفع الهوام عنها،و حوّطها بصدفة الأذن لتجمع الصوت فترده إلى صماخها،و لتحس بدبيب الهوام إليها،و جعل فيها تحريفات و اعوجاجات لتكثر حركة ما يدب فيها،و يطول طريقه،فيتنبه من النوم صاحبها إذا قصدها دابة في حال النوم.ثم رفع الأنف من وسط الوجه،و أحسن شكله،و فتح منخريه،و أودع فيه حاسة الشم ليستدل باستنشاق الروائح على مطاعمه و أغذيته، و ليستنشق بمنفذ المنخرين روح الهواء،غذاء لقلبه،و ترويحا لحرارة باطنه و فتح الفم و أودعه اللسان ناطقا و ترجمانا و معربا عما في القلب ،و زين الفم بالأسنان لتكون آلة الطحن و الكسر و القطع،فأحكم أصولها،و حدد رءوسها،و بيض لونها، و رتب صفوفها،متساوية الرءوس،متناسقة الترتيب كأنها الدر المنظوم و خلق الشفتين و حسن لونها و شكلها لتنطبق على الفم فتسد منفذه،و ليتم بها حروف الكلام،و خلق الحنجرة و هيأها لخروج الصوت،و خلق للسان قدرة للحركات

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست