responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 80

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ سُلاٰلَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً [1]الآية فتكرير ذكر النطفة في الكتاب العزيز ليس ليسمع لفظه و يترك التفكر في معناه فانظر الآن إلى النطفة و هي قطرة من الماء قذرة،لو تركت ساعة ليضر بها الهواء فسدت و أنتنت،كيف أخرجها رب الأرباب من الصلب و الترائب ،و كيف جمع بين الذكر و الأنثى و ألقى الألفة و المحبة في قلوبهم،و كيف قادهم بسلسلة المحبة و الشهوة إلى الاجتماع،و كيف استخرج النطفة من الرجل بحركة الوقاع و كيف استجلب دم الحيض من أعماق العروق و جمعه في الرحم،ثم كيف خلق المولود من النطفة ،و سقاه بماء الحيض و غذّاه حتى نما و ربا و كبر،و كيف جعل النطفة و هي بيضاء مشرقة علقة حمراء،ثم كيف جعلها مضغة،ثم كيف قسم أجزاء النطفة و هي متشابهة متساوية إلى العظام،و الأعصاب،و العروق،و الأوتار و اللحم،ثم كيف ركب من اللحوم،و الأعصاب،و العروق الأعضاء الظاهرة،فدوّر الرأس،و شق السمع،و البصر،و الأنف،و الفم و سائر المنافذ،ثم مدّ اليد و الرجل و قسم رءوسها بالأصابع،و قسم الأصابع بالأنامل،ثم كيف ركب الأعضاء الباطنة من القلب، و المعدة،و الكبد،و الطحال،و الرئة،و الرحم،و المثانة،و الأمعاء،كل واحد على شكل مخصوص و مقدار مخصوص لعمل مخصوص ،ثم كيف قسم كل عضو من هذه الأعضاء بأقسام أخر،فركب العين من سبع طبقات لكل طبقة وصف مخصوص و هيئة مخصوصة لو فقدت طبقة منها أو زالت صفة من صفاتها تعطلت العين عن الإبصار.فلو ذهبنا إلى أن نصف ما في آحاد هذه الأعضاء من العجائب و الآيات لا نقضى فيه الأعمار، فانظر الآن إلى العظام و هي أجسام صلبة قوية كيف خلقها من نطفة سخيفة رقيقة،ثم جعلها قواما للبدن و عمادا له،ثم قدرها بمقادير مختلفة و أشكال مختلفة،فمنه صغير،و كبير،و طويل، و مستدير،و مجوف،و مصمت،و عريض،و دقيق و لما كان الإنسان محتاجا إلى الحركة بجملة بدنه و ببعض أعضائه،مفتقرا للتردد في حاجاته،لم يجعل عظمه عظما واحدا،بل عظاما كثيرة بينها مفاصل حتى تتيسر بها الحركة و قدّر شكل كل واحدة منها على وفق الحركة المطلوبة بها،ثم وصل مفاصلها،و ربط بعضها ببعض


[1] المؤمنون:12،13،14

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 15  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست