responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 45

عقله في يد شهواته كمسلم أسير في أيدي الكفار،فهم يستسخرونه في رعاية الخنازير،و حفظ الخمور و حملها ،و محله عند اللّه تعالى محل من يقهر مسلما و يسلمه إلى الكفار،و يجعله أسيرا عندهم.لأنه بفاحش جنايته يشبه أنه سخر ما كان حقه أن لا يستسخر،و سلط ما حقه أن لا يتسلط عليه.و إنما استحق المسلم أن يكون متسلطا لما فيه من معرفة اللّه و باعث الدين و إنما استحق الكافر أن يكون مسلطا عليه لما فيه من الجهل بالدين و باعث الشياطين.و حق المسلم على نفسه أوجب من حق غيره عليه.فمهما سخر المعنى الشريف الذي هو من حزب اللّه و جند الملائكة،للمعنى الخسيس الذي هو من حزب الشياطين المبعدين عن اللّه تعالى،كان كمن أرق مسلما لكافر،بل هو كمن قصد الملك المنعم عليه،فأخذ أعزّ أولاده و سلمه إلى أبغض أعدائه.فانظر كيف يكون كفرانه لنعمته،و استيجابه لنقمته،لأن الهوى أبغض إله عبد في الأرض عند اللّه تعالى،و العقل أعز موجود خلق على وجه الأرض

الحالة الثالثة:أن يكون الحرب سجالا بين الجندين

فتارة له اليد عليها،و تارة لها عليه.

و هذا من المجاهدين يعد مثله لا من الظافرين.و أهل هذه الحالة هم الذين خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا،عسى اللّه أن يتوب عليهم.هذا باعتبار القوة و الضعف و يتطرق إليه أيضا ثلاثة أحوال باعتبار عدد ما يصبر عنه.فإنه إما أن يغلب جميع الشهوات،أو لا يغلب شيئا منها،أو يغلب بعضها دون بعض.و تنزيل قوله تعالى خَلَطُوا عَمَلاً صٰالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً [1]على من عجز عن بعض الشهوات دون بعض أولى و التاركون للمجاهدة مع الشهوات مطلقا يشبهون بالأنعام،بل هم أضل سبيلا.إذ البهيمة لم تخلق لها المعرفة و القدرة التي بها تجاهد مقتضى الشهوات.و هذا قد خلق ذلك له و عطله، فهو الناقص حقا،المدبر يقينا.و لذلك قيل
و لم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام
و ينقسم الصبر أيضا باعتبار اليسر و العسر،إلى ما يشق على النفس فلا يمكن الدوام عليه إلا بجهد جهيد،و تعب شديد،و يسمى ذلك تصبرا،و إلى ما يكون من غير شدة تعب بل يحصل بأدنى تحامل على النفس،و يخص ذلك باسم الصبر.و إذا دامت التقوى،و قوى


[1] التوبة:102

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست