responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 30

و الثاني:أن الفكر شغل في الحال مانع من لذائذ الدنيا و قضاء الشهوات و ما من إنسان إلا و له في كل حالة من أحواله،و نفس من أنفاسه،شهوة قد تسلطت عليه و استرقته.فصار عقله مسخرا لشهوته،فهو مشغول بتدبير حيلته،و صارت لذته في طلب الحيلة فيه أو في مباشرة قضاء الشهوة؟ و الفكر يمنعه من ذلك.و أما علاج هذين المانعين،فهو أن يقول لقلبه:ما أشد غباوتك في الاحتراز من الفكر في الموت و ما بعده،تألما بذكره،مع استحقار ألم مواقعته.فكيف تصبر على مقاساته إذا وقع،و أنت عاجز عن الصبر على تقدير الموت و ما بعده،و متألم به! و أما الثاني و هو كون الفكر مفوّتا للذات الدنيا،فهو أن يتحقق أن فوات لذات الآخرة أشد و أعظم.فإنها لا آخر لها،و لا كدورة فيها.و لذّات الدنيا سريعة الدثور،و هي مشوبة بالمكدرات.فما فيها لذة صافية عن كدر.و كيف و في التوبة عن المعاصي و الإقبال على الطاعة تلذذ بمناجاة اللّه تعالى،و استراحة بمعرفته،و طاعته،و طول الأنس به!و لو لم يكن للمطيع جزاء على عمله إلا ما يجده من حلاوة الطاعة،و روح الأنس بمناجاة اللّه تعالى لكان ذلك كافيا .فكيف بما ينضاف إليه من نعيم الآخرة!نعم هذه اللذة لا تكون في ابتداء التوبة،و لكنها بعد ما يصبر عليها مدة مديدة،و قد صار الخير ديدنا،كما كان الشر ديدنا.فالنفس قابلة ما عودتها تتعود،و الخير عادة،و الشر لجاجة فإذا هذه الأفكار هي المهيجة للخوف المهيج لقوة الصبر عن اللذات.و مهيج هذه الأفكار وعظ الوعاظ،و تنبيهات تقع للقلب بأسباب تتفق لا تدخل في الحصر،فيصير الفكر موافقا للطبع،فيميل القلب إليه.و يعبر عن السبب الذي أوقع الموافقة بين الطبع و الفكر الذي هو سبب الخير بالتوفيق.إذ التوفيق هو التأليف بين الإرادة و بين المعنى الذي هو طاعة نافعة في الآخرة.و قد روي في حديث طويل ،أنه قام عمار بن ياسر فقال لعلي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه:يا أمير المؤمنين،أخبرنا عن الكفر على ما ذا بني فقال عليّ رضي اللّه عنه:بني على أربع دعائم.على الجفاء،و العمى،و الغفلة،و الشك.

فمن جفا احتقر الحق،و جهر بالباطل.و مقت العلماء و من عمي نسي الذكر.و من غفل حاد عن الرشد.و من شك غرته الأمانى،فأخذته الحسرة و الندامة،و بدا له من اللّه ما لم يكن يحتسب فما ذكرناه بيان لبعض آفات الغفلة عن التفكر.و هذا القدر في التوبة كاف.و إذا كان الصبر ركنا من أركان دوام التوبة.فلا بد من بيان الصبر،فنذكره في كتاب مفرد إن شاء اللّه تعالى

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست