responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 29

فيقال له :ما قاله الأنبياء المؤيدون بالمعجزات هل صدقه ممكن؟أو تقول أعلم أنه محال،كما أعلم استحالة كون شخص واحد في مكانين في حالة واحدة؟فإن قال أعلم استحالته كذلك فهو أخرق معتوه،و كأنه لا وجود لمثل هذا في العقلاء.و إن قال أنا شاك فيه فيقال:لو أخبرك شخص واحد مجهول،عند تركك طعامك في البيت لحظة،أنه ولغت فيه حية،و ألقت سمها فيه،و جوزت صدقه،فهل تأكله أو تتركه؟و إن كان ألذ الأطعمة؟فيقول أتركه لا محالة،لأني أقول إن كذب فلا يفوتني إلا هذا الطعام،و الصبر عنه و إن كان شديدا فهو قريب،و إن صدق فتفوتني الحياة،و الموت بالإضافة إلى ألم الصبر عن الطعام و إضاعته شديد.فيقال له:يا سبحان اللّه،كيف تؤخر صدق الأنبياء كلهم،مع ما ظهر لهم من المعجزات،و صدق كافة الأولياء،و العلماء،و الحكماء،بل جميع أصناف العقلاء،و لست أعنى بهم جهال العوام بل ذوي الألباب،عن صدق رجل واحد مجهول،لعل له غرضا فيما يقول!فليس في العقلاء إلا من صدّق باليوم الآخر،و أثبت ثوابا و عقابا،و إن اختلفوا في كيفيته،فإن صدقوا فقد أشرفت على عذاب يبقى أبد الآباد.و إن كذبوا فلا يفوتك إلا بعض شهوات هذه الدنيا الفانية المكدرة:فلا يبقى له توقف إن كان عاقلا مع هذا الفكر إذ لا نسبة لمدة العمر إلى أبد الآباد.بل لو قدّرنا الدنيا مملوءة بالذرة ،و قدّرنا طائرا يلتقط في كل ألف ألف سنة حبة واحدة منها،لفنيت الذرة،و لم ينقص أبد الآباد شيئا.فكيف يفتر رأى العاقل في الصبر عن الشهوات مائة سنة مثلا،لأجل سعادة تبقى أبد الآباد!و لذلك قال أبو العلاء أحمد بن سليمان التنوخي المعرى
قال المنجم و الطبيب كلاهما لا تبعث الأموات قلت إليكما
إن صح قولكما فلست بخاسر أو صح قولي فالخسار عليكما
و لذلك قال علي رضى اللّه عنه لبعض من قصر عقله عن فهم تحقيق الأمور،و كان شاكا:إن صح ما قلت فقد تخلصنا جميعا،و إلا فقد تخلصت و هلكت.أي العاقل يسلك طريق الأمن في جميع الأحوال.فإن قلت.هذه الأمور جلية،و لكنها ليست تنال إلا بالفكر،فما بال القلوب هجرت الفكر فيها و استثقلته،و ما علاج القلوب لردها إلى الفكر،لا سيما من آمن بأصل الشرع و تفصيله.فاعلم أن المانع من الفكر أمران:أحدهما أن الفكر النافع هو الفكر في عقاب الآخرة و أهوالها،و شدائدها،و حسرات العاصين في الحرمان عن النعيم المقيم.و هذا فكر لدّاغ مؤلم للقلب ،فينفر القلب عنه،و يتلذذ بالفكر في أمور الدنيا على سبيل التفرج و الاستراحة

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست