responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 180

و الرجاء جميعا،لأنهما جامعان لأسباب الشفاء في حق أصناف المرضى،ليستعمله العلماء الذين هم ورثة الأنبياء بحسب الحاجة ،استعمال الطبيب الحاذق،لا استعمال الأخرق الذي يظن أن كل شيء من الأدوية صالح لكل مريض كيفما كان

و حال الرجاء يغلب بشيئين:

أحدهما الاعتبار،و الآخر استقراء الآيات و الأخبار و الآثار أما الاعتبار،فهو أن يتأمل جميع ما ذكرناه في أصناف النعم من كتاب الشكر،حتى إذا علم لطائف نعم اللّه تعالى لعباده في الدنيا.و عجائب حكمه التي راعاها في فطرة الإنسان حتى أعد له في الدنيا كل ما هو ضروري له في دوام الوجود.كآلات الغذاء و ما هو محتاج إليه كالأصابع و الأظافر،و ما هو زينة له.كاستقواس الحاجبين،و اختلاف ألوان العينين، و حمرة الشفتين،و غير ذلك مما كان لا ينثلم بفقده غرض مقصود،و إنما كان يفوت به مزية جمال فالعناية الإلهية إذا لم تقصر عن عباده في أمثال هذه الدقائق،حتى لم يرض لعباده أن تفوتهم المزايد و المزايا في الزينة و الحاجة،كيف يرضى بسياقهم إلى الهلاك المؤبد بل إذا نظر الإنسان نظرا شافيا،علم أن أكثر الخلق قد هيء له أسباب السعادة في الدنيا،حتى أنه يكره الانتقال من الدنيا بالموت،و إن أخبر بأنه لا يعذب بعد الموت أبدا مثلا،أو لا يحشر أصلا.فليست كراهتهم للعدم إلا لأن أسباب النعم أغلب لا محالة.و إنما الذي يتمنى الموت نادر.ثم لا يتمناه إلا في حال نادرة،و واقعة هاجمة غريبة.

فإذا كان حال أكثر الخلق في الدنيا الغالب عليه الخير و السلامة،فسنة اللّه لا تجد لها تبديلا،فالغالب أن أمر الآخرة هكذا يكون،لأن مدبر الدنيا و الآخرة واحد،و هو غفور رحيم،لطيف بعباده،متعطف عليهم.فهذا إذا تؤمّل حق التأمل قوي به أسباب الرجاء.و من الاعتبار أيضا النظر في حكمة الشريعة و سنها في مصالح الدنيا،و وجه الرحمة للعباد بها،حتى كان بعض العارفين يرى آية المداينة في البقرة من أقوى أسباب الرجاء،فقيل له و ما فيها من الرجاء؟فقال:الدنيا كلها قليل،و رزق الإنسان منها قليل، و الدين قليل عن رزقه،فانظر كيف أنزل اللّه تعالى فيه أطول آية،ليهدى عبده إلى طريق الاحتياط في حفظ دينه،فكيف لا يحفظ دينه الذي لا عوض له منه! الفن الثاني:استقراء الآيات و الأخبار،فما ورد في الرجاء خارج عن الحصر

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست