responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 169

و وراءه الشكر على البلاء و هو وراء الرضا ،إذ الصبر مع التألم و الرضا يمكن بما لا ألم فيه و لا فرح، و الشكر لا يمكن إلا على محبوب مفروح به.و كذلك الشكر درجات كثيرة،ذكرنا أقصاها،و يدخل في جملتها أمور دونها،فإن حياء العبد من تتابع نعم اللّه عليه شكر، و معرفته بتقصيره عن الشكر شكر،و الاعتذار من قلة الشكر شكر،و المعرفة بعظيم حلم اللّه و كنف ستره شكر،و الاعتراف بأن النعم ابتداء من اللّه تعالى من غير استحقاق شكر و العلم بأن الشكر أيضا نعمة من نعم اللّه و موهبة منه شكر.و حسن التواضع للنعم و التذلل فيها شكر،و شكر الوسائط شكر،إذ قال عليه السّلام[1]«من لم يشكر النّاس لم يشكر اللّه»و قد ذكرنا حقيقة ذلك في كتاب أسرار الزكاة.و قلة الاعتراض و حسن الأدب بين يدي المنعم شكر،و تلقى النعم بحسن القبول و استعظام صغيرها شكر.و ما يندرج من الأعمال و الأحوال تحت اسم الشكر و الصبر لا تنحصر آحادها،و هي درجات مختلفة،فكيف يمكن إجمال القول بتفضيل أحدهما على الآخر،إلا على سبيل إرادة الخصوص باللفظ العام، كما ورد في الأخبار و الآثار.

و قد روي عن بعضهم أنه قال:رأيت في بعض الأسفار شيخا كبيرا قد طعن في السن، فسألته عن حاله فقال:إنى كنت في ابتداء عمري أهوي ابنة عم لي،و هي كذلك كانت تهوانى، فاتفق أنها زوّجت منى،فليلة زفافها.قلت تعالى حتى نحيى هذه الليلة شكرا للّٰه تعالى على ما جمعنا ،فصلينا تلك الليلة،و لم يتفرغ أحدنا إلى صاحبه،فلما كانت الليلة الثانية قلنا مثل ذلك، فصلينا طول الليل،فمنذ سبعين أو ثمانين سنة نحن على تلك الحالة كل ليلة،أ ليس كذلك يا فلانة؟ قالت العجوز هو كما يقول الشيخ فانظر إليهما لو صبرا على بلاء الفرقة أن لو لم يجمع اللّه بينهما و أنسب صبر الفرقة إلى شكر الوصال على هذا الوجه ،فلا يخفى عليك أن هذا الشكر أفضل.

فإذا لا وقوف على حقائق المفضلات إلا بتفصيل كما سبق،و اللّه أعلم.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 12  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست